“نجاح”.. بين خيارين أحلاهما مُرّ

صورة تقريبة /موقع بي بي سي عربي
‏  4 دقائق للقراءة        618    كلمة

لم تستطع تمالك نفسها وهي تسرد حديث مُصابٍ حل بها، كابدتها الغُصة فكان حديثها مملوء بالحزن والحسرة، تختلج الدموع بذكريات الماضي الذي تعرضت فيه نجاح لانتهاكات مروعة جراء التعنيف الذي نالته من والدة زوجها أثناء غيابه، قبل أن يتحول هو الآخر إلى وحش مفترس ينال منها بعدوانية، حد وصفها.

قد يكون اسم نجاح التي تبلغ من العمر 34 عامًا، ملهمًا لها، غير أن ما حدث لها كان العكس، فلم تنل من اسمها نصيب كما يفترض أن تكون المصادفات، بل واجهت ظروفا قاسية بعد زواجها التقليدي بمحافظة ريمة، قبل انتقالها لاحقًا إلى العاصمة صنعاء.

تقول نجاح، إن زوجها بعد فترة وجيزة من زواجهما.. “كان يسافر الى صنعاء لأجل العمل وأنا أبقى مع أمه ولكنها لم تحبني أبدا كانت دائما تعذبني، وإذا لم أخرج للتحطيب ورعي الغنم تحرمني من الأكل وتقول لي إذا اردتي أن تأكلي ضروري تشتغلي مابش شيء بلاش.”

وتضيف في حديثها لـ”ريمة بوست”، مواقف محفورة في ذاكرتها لأيام أليمة عاشتها بصبر لا يطاق: “كنت أعمل حتى وأنا مريضة ولكن قلبها (تقصد أم زوجها) لا يوجد فيه أي رحمة أو شفقة صبرت لسنين ولم أشتكي لزوجي لأنني لا أريد افتعال مشاكل بينه وبين أمه”.

وتستطرد: “حتى وأنا حامل كنت أعمل ولكنني لم أستطع الصبر أكثر، وبعد ولادتي بالطفل الثاني أخبرت زوجي أني سأذهب معه الى صنعاء، لنعيش أنا وهو وأطفالنا حتى على خبزه وماء لم يوافق بسهولة لكنه وافق في النهاية”.

كالمستجير من الرمضاء بالنار

بمجرد وصولها صنعاء ظنّت نجاح أنها تجاوزت محنة العذاب الذي عايشته لدى والدة زوجها؛ لكن الايام كان تخفي لها مفاجئات كئيبة: “بعد ثلاثة أشهر من سفري وبعد أن أستقرينا في أحد شوارع صنعاء ساءت حالة زوجي المادية بعدها بدأ زوجي بضربي وتعنيفي”.

تغيّر الزوج فجأة التي استنجدت به من ظلم امه، إذ أصبح يحملها مسؤولية تدهور حالته المادية. واصفًا إياها بـ “وجه نحس”، وملقيًا عليها سبب ما يعيشه متناسيًا الظروف التي حلت بالوطن بشكل عام.. “في البداية بكيت كثيرا من صدمتي وحزني على نفسي لم أتوقع أن يكون زوجي بهذه الأخلاق وأنه سيضربني يوما من الأيام خاصة وأنني شرحت له معاناتي مع أمه”.

 

حياة لم تكن نجاح تتوقعها، وما يزيدها تعقيدًا أنها أصبحت أمًا لطفلين، ومن الصعب عليها الانفصال، إضافة إلى التقاليد المجتمعية التي تشجعها على الصبر لسياط التعنيف، تتابع حديثها: “مرت الأيام وحملت بالطفل الثالث وفي أيام حملي ذهب زوجي للعمل في محافظة ذمار وقبل ذهابه أقفل عليّ وعلى أطفالي الباب وذهب لمدة ثلاثة أيام دون أن يترك لي أي شيء للأكل وبعد عودته أخبرته أنني سأخبر أهلي بما فعله لي ولكنه لم يكترث”.

خياران أحلاهما مُر

لم تستطع نجاح احتمال المزيد من الصبر إزاء ما يفعله بها زوجها، فقررت إبلاغ أهلها بما يحدث معها، وهو ما حدث فعلا، ولحسن حظها رأف الأهل بالحال الذي آلت إليه وتعاطفوا معها؛ ولكنهم اشترطوا عليها مقابل سماحهم لها بفض العلاقة معه (تطليقها)، أن تترك أطفالها الثلاثة لدى أبيهم، كون أهلها لن يقبلوا عودتهم معها.

كان الخيار صعبًا ومُرًا في آن، وكان رد نجاح على ذلك بالرفض التام.. “لم أوافق وفضلتّ العودة إلى زوجي الذي يعنفني ولا أترك أطفالي مشردين بدوني”. خاصة وأنه لا خيار ثالث أمامها في ظل وجود أطفالٍ لا تستطع تركهم لوحشية أبيهم. وبالرغم من كل ما تعرضت له نجاح إلا أنها أن نقطة ضعفها وجود أطفالها، وهو الأمر الذي يجعلها عرضة للتعنيف في ظل انتشار ثقافة صمت وصبر النساء على التعنيف الذي يتعرضن له.