كيف فقدت الأم طفلتها “غصون”؟

‏  3 دقائق للقراءة        478    كلمة

كان المطر يهطل بغزارة، والشمس تميل نحو الغروب، حين أرضعت الأم طفلتها “غصون” التي لم يتجاوز عمرها عامًا واحدا.وضعتها نائمة في الغرفة وخرجت إلى المطبخ لإعداد طعام الفطور والعشاء. كان هطول المطر يزداد أكثر فأكثر، نظرت الأم من النافذة إلى الخارج، فأثارت السيول المتدفقة الخوف والرعب في نفسها، وبدأ نبض قلبها يتسارع، وانتابها قلق التفكير بأولادها.

فجأة!

شعرت بأن الأرض تهتز تحت قدميها، وسقف المنزل يتساقط عليها، صرخت بأعلى صوتها وهي مرمية على الأرض ثم حاولت الوقوف لتذهب وتطمئن على أطفالها، لكن لم تستطع؛ فقد سقط جزءٌ من السقف على رجلها وتسبب بكسورٍ فيها.

كل ما حولها كان مزيجًا من الواقع والخيال الذي لا تستطيع توصيفه. تروي لنا “أم غصون” 35عاما، بصوت متحشرج وحزن بادٍ على وجهها، قصتها لحظة سقوط سقف المنزل عليها وعلى أطفالها، في عزلة “الرييم” بمديرية مزهر ريمة جرّاء الأمطار الغزيرة، منتصف شهر رمضان المنصرم.

تضيف “أم غصون” في حديثها لـ”ريمة بوست”، أنها ظلّت تصرخ وتستغيث حتى أتى بعض من أهلها وجيرانهم، وأخرجوها من تحت أنقاض السقف، وحملوها إلى منزل عمها (والد زوجها). بقيت تصرخ وتسأل عن أولادها، فأخبروها أن كلهم بخير عدا طفلتها الأصغر”غصون”؛ فقد فارقت الحياة. نزل عليها الخبر كالصدمة إذ تقول: “لم أتمالك نفسي وظللتُ أبكي بلا توقف. وتمنيت لو كنت مكانها فأنا لم أعد أحتمل ذلك العذاب”.

وبينما تواصل حديثها معنا وتستذكر ما حدث، انتابها البكاء وانهمر الدمع من عينيها بشكل لا إرادي. قائلة:” ماتت غصون أمام عيوني وما قدرت أنقذها. صورتها وهي تحت ركام المنزل بوجهها الملائكي لا تفارقني لحظة”.

والد “غصون” ذو الأربعين، يعيش كذلك الصدمة ذاتها، إذ فقد طفلته الصغيرة، وأصيب أطفاله الثمانية الآخرين بجروح ورضوض مختلفة، وتعرضت زوجته لكسر في الرجل، إضافة إلى فقدانه منزله الذي لطالما حلم به وظل يعمل في بنائه لسنوات. حيث يقول إن سقوط سقف منزله تسبب في معاناته وأسرته، وفاقم من حالته المعيشية بعد أن كان مستقرًا إلى حدٍ ما؛ فقد أصبح يعيش مع زوجته وأولاده الثمانية في غرفة واحدة بمنزل والده.

ويضيف في حديثه، أنه حتى أطفاله لا يزالون يعانون من الصدمة النفسية والفجيعة منذ حادثة انهيار السقف عليهم، وما تزال لحظات الحادثة عالقة في أذهانهم.

ويشير الأب أن انهيار سقف المنزل مثّل انتكاسة لحياة أسرته وجعلهم يعيشون حياة صعبة، وأنه لم يتلق أي مساندة أو دعم من الجهات المعنية وغيرها، إذ يختم حديثه قائلاً : “أعيش هذه الفترة وضعًا صعبًا مع أسرتي من حيث المعيشة والسكن، ما بيدي شيء أصبحت عاجز عن فعل شيء أنا إلا شاقي بالأجر اليومي. مش قادر أوفر لهم لقمة العيش أو أوجد لهم سكن أو حتى فراش”.