“النغف الدملي” تفتك بالثروة الحيوانية في ريمة

‏  5 دقائق للقراءة        937    كلمة

منتصف أغسطس المنصرم، تفاجئ محمد سعد، 35 عامًا، مواطن في عزلة يفعان بمديرية السلفية؛ عندما رأى ديدان بيضاء اللون حلزونية الشكل، تنهش بداخل جرح غائر يقع على فم إحدى الأبقار التي يمتلكها، بدى مستغربًا من تلك الديدان التي أصابت البقرة وتسببت بتقيّح والتهاب الجرح وتوسعته، ومتسائلًا عن مدى خطورتها.

لم تمر سوى أيام قليلة حتى ازداد الجرح توسعًا وعمقًا وزادت معه آلام البقرة، دون معرفة مالكها بالعلاج الذي قد يساعد في شفائها. يقول محمد، إنه لم يعرف كيف يتعامل مع الداء الذي أصابها، وكيف يمكن معالجته، وهو الأمر الذي أدى إلى تفاقم وضعها الصحي ونفوقها.

ويضيف، في حديثه، لـ”ريمة بوست”، أن بسبب عدم معرفته بذلك الداء، فقد انتقل وأصاب بقرة أخرى كانت تعيش في ذات الحظيرة، ما تسبب بنفوقها بعد البقرة الأولى بأيام قليلة. حينها قام “محمد” بالاتصال بدكتور بيطري، واستفسر منه عن تلك الدودة الحلزونية، فوجد لديه ضآلته المنشودة.

يستطرد، أن الدكتور أخبره، بأن ذلك الداء يسمى “داء الدودة الحلزونية”، وأن عليه أن يحرص على منع الداء من أن ينتقل إلى المواشي الأخرى أو إلى الأطفال، عبر ذبابة الدودة الحلزونية التي تنقل اليرقات من جرح إلى آخر، خصوصًا أنه لا يوجد علاج سوى لدى وزارة الزراعة، حد قول البيطري.

مثّل هذا الداء الغريب خسارة كبيرة بالنسبة لـ “محمد”، وهو الذي يتملك ثلاث بقرات، نفقت اثنتين، وثالثة مصابة بالداء ذاته، وما يزال يحاول علاجها من خلال المضادات الحيوية، وتعقيم الجرح برشه بقليل من مادة البترول، غير أن ذلك لم يمنعه من التعبير عن القلق الذي ينتابه… “أنا خايف لا تنفق البقرة الأخيرة ما عاد معي إلا هي نعتمد عليها وعلى لبنها.. وخايف لا ينتقل إلى الأغنام”.

انتشار سريع وتهاون مجتمعي

لا يختلف الأمر كثيرا لدى المواطن محمد علي، 52 عامًا، وهو يسكن في المنطقة ذاتها، إذ تسبب داء “الدودة الحلزونية” بنفوق بقرتين من أبقاره أواخر الشهر المنصرم. حيث يقول إنه لأول مرة يظهر هذا الداء الذي يصيب الأبقار، معتبرًا أنه يمثل خطورة بالغة على الثروة الحيوانية التي هي عِماد الحياة المعيشية لدى سكان الأرياف.

بالمقابل، أكد مصدر محلي، لـ”ريمة بوست”، إن “داء الدودة الحلزونية” انتشر مؤخرا في العديد من المناطق بمديريات السلفية والجعفرية ومزهر وكسمة، ما أدى إلى نفوق العديد من الأبقار والأغنام، وإصابة بعضها، دون معرفة الأهالي بخطورة الداء وأسباب وجوده، وكيفية مكافحته.

في السياق ذاته، يوضح الدكتور البيطري، ضيف الله الشاوش، أن داء الدودة الحلزونية أو ما يسمى “داء النغف الدملي أو ذبابة الدودة الحلزونية”، مرض يصيب الحيوان أو الإنسان وتسببه يرقات ذبابة طفيلية تسمى الدودة الحلزونية حيث تتغذى على الأنسجة أو الأعضاء الحية للجسم، خصوصًا الثدييات، وينتشر المرض في المناطق الحارة والرطبة.

ويشير في حديثه، لـ”ريمة بوست”، إلى دورة حياة الدودة الحلزونية وكيفية انتقالها…”تضع أنثى الذبابة البيض على شكل كتل مسطحة على جسد الحيوان، خاصة على حواف الجروح أو الأماكن الرطبة والأغشية المخاطية الموجودة في فتحات الجسم مثل الأنف، العين، الفم، الأذن، والمهبل، والسرّة، وخلال 24 ساعة يفقس البيض و يتحول إلى يرقات تبدأ تتغذى على أنسجة الحيوان فيزداد حجم و عمق الجرح و ينتج عنه رائحة مميزة تجذب المزيد من أنثى الذباب التي تضع مزيد من البيض حتى يصل إلى 3000 من اليرقات في مكان الجرح الواحد. ويؤدي ذلك إلى موت الحيوان إذا أُهمل ولم يتم علاجه”.

ويؤكد، أن من أعراض إصابة الحيوان، بداء الدودة الحلزونية، وجود قُرح جلدية وإفرازات صديدية ذات رائحة كريهة تسبب فقدان الشهية على الأكل والضعف إثر حدوث التهاب بكتيري وتلوث الدم، وهو ما يؤدي إلى توسع الجرح ببطء وقد تذوب الأنسجة الحية للعضو المصاب حتى يظهر العظم عارياً.

حلول بدائية وإمكانات متاحة

وعن العلاج، يقول الدكتور الشاوش، إن العلاج بشكل بدائي يتمثل في إجبار الدودة على الخروج إلى سطح الجلد عن طريق منع الهواء من الوصول إليها، وذلك من خلال دهن مكان الجرح باستخدام الفازلين أو مادة مشابهة مما يجبرها على الظهور على سطح الجلد، وبذلك يتم انتزاعها باستخدام الجفت الطبي، وتنظيف مكان الجرح جيدًا، مشيرا أن هناك أيضا أدوية أخرى لكنها تتوفر إلا لدى وزارة الزراعة والجهات المعنية.

في السياق ذاته، أوضح إبراهيم التكروري مدير مكتب الزراعة بريمة، أن المكتب قام خلال الأيام الماضية بتوفير الأدوية اللازمة لمكافحة داء الدودة الحلزونية في منطقة بني أحمد بالجعفرية، غير أنه علم مؤخرًا بانتشار ذلك الداء في بعض مناطق السلفية ووادي مزهر. وهو الأمر الذي دفعه إلى تحرير مذكرة عاجلة لوزارة الزراعة بصنعاء، من أجل توفير الأدوية اللازمة، وقد لاقى تجاوبًا من قبل الوزارة حد قوله وذلك وفقًا للإمكانيات المتاحة، وسيتم تزويد المناطق المستهدفة، لما يساعد في القضاء على هذا الداء الذي يشكل خطرًا على الثروة الحيوانية بريمة.

وقاية حتمية

من جهة أخرى، أشار الدكتور البيطري ضيف الله الشاوش، إلى أهمية وضرورة الوقاية من داء الدودة الحلزونية، من خلال استخدام المبيدات الحشرية، بالإضافة إلى رش الحيوانات بمحاليل قاتلة للطفيليات، وتطهير الجروح على المواشي بشكل جيد، وإزالة الصوف في الخراف في المنطقة عند الذيل وبين السيقان الخلفية لأنها تُعتبر الأماكن المفضلة لنمو الدودة الحلزونية.

كما أكد على ضرورة الحذر من انتقال المرض إلى الإنسان، والتخلص من الكلاب المريضة التي تزيد من انتشار المرض لكثرة وجود جروح بها تجذب الذبابة الحلزونية، وكي الملابس أو تعريضها لدرجة الحرارة بعد نشرها، تجنبًا لأن تكون الذبابة قد وضعت بويضاتها عليها، ما يسهل انتقالها إلى جسد الإنسان.