مبادرة نسوية من أجل التنمية في ريمة.. ما القصة؟

بعض المصوغات الذهبية التي تبرعت بها النساء
‏  5 دقائق للقراءة        913    كلمة

ليس لغرض سوى الإسهام في فعل الخير ومساندة أخيها الرجل في عملية التنمية؛ قدمت أم مجد القحوي، إحدى نساء بني القحوي الشرف، خاتمًا ذهبيًا، لصالح مشروع شق طريق “الحدية – بني القحوي”، وهو مشروع مجتمعي بطول 6 كيلو متر، ينفذ بتمويل ذاتي من أبناء المجتمع في عزلة بني القحوي الواقعة جنوبي مديرية الجعفرية، بمحافظة ريمة.

في حديثها لـ”ريمة بوست” تقول أم مجد،29 عامًا،: “لأن الذهب أغلى ما أمتلكه، فأنا أردت أن أبادر وأتبرع بخاتمي لصالح مشروع شق طريق الحدية – بني القحوي، من أجل فعل الخير والتخفيف من معاناة المواطنين خصوصًا المرضى وكبار السن بسبب انعدام الطريق”.

وتضيف، أن الطريق سيكون شريان حياة بالنسبة للنساء لا سيما الحوامل اللاتي يواجهن صعوبة أثناء المخاض، حيث سيخفف عنها المعاناة والسفر الطويل من أجل الوصول إلى المستشفيات والمراكز الصحية.. “الكثير من النساء يمرضن أشد المرض ولكن هي غير قادرة على الوصول إلى المستشفى بسبب وعوة الطريق الجبلية”.

عن ضرورة الدور التشاركي بين الرجل والمرأة، تحث أم مجد، جميع النساء أن يكنَّ سندًا لإخوانهن الرجال في سبيل هذا المشروع الخدمي، الذي سوف يساهم في وصول الخدمات الأساسية لكل أفراد المجتمع في عزلة بني القحوي، وسيخفف معاناة التنقل ويسهل وصول الاحتياجات الضرورية.

حضور نسائي فاعل

لم تكن أم مجد، وحدها من تشارك أخيها الرجل في دعم مشروع الطريق الذي يحلم به الأهالي ويرون فيه حلاً لمشاكل عديدة؛ بل واحدة من الكثير من نساء بني القحوي اللاتي بادرن وتبرعن بالذهب والحلي والمال أيضًا لصالح عملية شق الطريق المجتمعي، في مبادرة تعكس مستوى الوعي الذي وصلت إليه المرأة الريمية، بدورها في عملية التنمية إلى جانب الرجل.

أم حافظ إبراهيم، 45 عامًا، هي الأخرى من نساء بني القحوي، تبرعت بخاتمها الذهبي أيضًا، كونها ترى أن مشروع الطريق، مشروع خدمي يخفف معاناة المجتمع ويرفع عنهم أعباء ومشقة الطرق الجبلية التي يسلكونها، فيما استغنت بناتها الأربع عن كسوة العيد وتبرعن بالمال كذلك لصالح مشروع الطريق، وهو أمر أشعرهن بالارتياح حد وصفها.

وتضيف أم حافظ في حديثها لـ”ريمة بوست“، أن المتضرر الأكثر من انعدام طريق السيارات هي المرأة والطفل، إذ تفارق المرأة الحياة أحيانًا لصعوبة نقلها إلى المستشفيات في المحافظات المجاورة بسبب عدم وجود وسيلة نقل، عدا عن حملها على أكتاف الرجال، وهي الوسيلة التي يتحاشى الكثير من الرجال اللجوء إليها لنقل نسائهم.

إلى ذلك، يوضح فارس غالب، المسؤول المالي في مبادرة شق الطريق، إن النساء ساهمن وتبرعن لصالح المشروع الذي سيخدم قرى عزلة بني القحوي، ووصلت تبرعاتهن بالحلي الذهبية، 16 قطعة ذهبية متنوعة بين الخواتم والأخراص وغيرها، إلى جانب تبرع العديد منهن بالأموال.

ويبيّن في حديثه لـ”ريمة بوست” أن إجمالي تبرعات النساء في بني القحوي من الحلي الذهبية والأموال، بلغت ما يقارب 3 ملايين ريال يمني، بنسبة تقارب 15% من إجمالي تبرعات المشروع (من الرجال والنساء) البالغة حتى الآن 17 مليون ريال، وقد بدأت عملية الشق في الطريق خلال الفترة القليلة الماضية.

وتأتي هذه المبادرة النسائية – بحسب القائمين على الطريق – بعد نقص تمويل مشروع شق الطريق وعدم اكتمال ميزانية المشروع، حيث لم تفي التبرعات بكامل احتياج المشروع، الأمر الذي دفع النساء للمشاركة والتبرع بالذهب والحلي والمال، لمساندة الرجال في جمع الأموال اللازمة لشق الطريق.

جهود مجتمعية بحاجة للدعم

بالرغم من التبرعات وتفاعل أبناء المجتمع جميعًا إلا أنها لا تكفي لإنجاز مشروع شق الطريق البالغ طولها 6 كيلو متر، والتي تتجاوز ميزانيتها التقديرية 100 مليون ريال، بحسب فارس المسؤول المالي، إذ يعزو ارتفاع تكاليف شق الطريق إلى كون عملية الشق في بيئة جبلية وتحتاج إلى معدات ثقيلة ذات تكاليف واحتياجات مرتفعة.

وتمثل الطريق التي تبدأ من سايلة الحدية إلى عزلة بني القحوي، حلقة وصل تربط العزلة والقرى المحيطة بها بالطريق الرئيسية التي تصل إلى سوق الحدية، ومنها إلى مدينة بيت الفقيه بالحديدة وغيرها من المدن المجاورة، كما أنها ستربط مركزي  مديرية الجعفرية (سوق الحدية ومركز اللمهيل) عبر الطريق الفرعي (اللمهيل – نعمة)، والذي يستمر العمل فيه منذ عامين بتمويل مجتمعي أيضًا.

 

جزء من عملية شق الطريق في سايلة الحدية

في ظل الجهود الذي يبذلها أبناء المجتمع رجالهم بنسائهم على حد سواء، يواجه المشروع صعوبات تتمثل في نقص التمويل، إذ لا تكفي التبرعات لمواصلة العمل حتى النهاية، ما يتطلّب – بحسب فارس – تكثيف الجهود لإنجاح المشروع الذي يعتبر شريان حياة لفئة كبيرة من أبناء المجتمع.

ويدعو فارس، الجهات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية للوقوف بجدية مع جهود الرجال والنساء ودعم مشروع شق الطريق والتخفيف من معاناة أبناء بني القحوي والقرى المجاورة لا سيما المرضى وكبار السن. وفي السياق ذاته، تحثُّ أم نجم، المرأة أن تكن سندًا لأخيها الرجل في سبيل إنجاح هذا المشروع لأنه سوف يساهم في وصول الخدمات الأساسية للجميع.