‏  5 دقائق للقراءة        970    كلمة

ينتظر بعض المواطنين في محافظة ريمة لأكثر من شهرين، من أجل الحصول على اسطوانة غاز، في ظل انعدام متواصل لمادة الغاز المنزلي وعدم توفّرها في الأسواق التجارية عدا عن الأسواق السوداء وبأسعار مضاعفة تفاقم معاناة المواطن وتحد من قدرته الشرائية، وسط ارتفاع متزايد لأسعار السلع الغذائية والمواد الأساسية.

في حديثه لـ”ريمة بوست” يقول المواطن فيصل أحمد، إنه لا يحصل على اسطوانة غاز إلا كل شهر وأحيانًا تمر أكثر من شهرين دون الوصول إلى اسطوانة واحدة، مشيرًا إلى أن المواطنين يحصلون على الغاز المنزلي عبر مدراء المديريات ومندوبيهم في العزل والقرى، حيث يتم توزيعه بسعر 6 آلاف ريال يمني للاسطوانة الواحدة، أي السعر الرسمي المحدد بـ 4460 ريال للاسطوانة، مضاف عليه أجور النقل إلى المديريات.

انعدام الغاز وتأخر وصول الكميات أو الحصص المخصصة لكل مديرية، تحول دون حصول فيصل وغيره على الغاز المنزلي، ما يجعلهم يضطرون، لشراء اسطوانات الغاز، إما من السوق السوداء في ريمة حال توفّره هناك أو من السوق السوداء في العاصمة صنعاء، وإيصالها إلى ريمة عبر سائقي سيارات النقل (الهيلوكسات) الذين يعملون في نقل المسافرين بين صنعاء وريمة بشكل مستمر، يضيف فيصل.

كميات أقل واحتياج متزايد

بالرغم من تسجيل المواطنين بشكل مسبق لدى عقال العزل أو مندوبي السلطة المحلية بالتنسيق مع شركة الغاز اليمنية، إلا أن كميات الغاز التي يتم توفيرها بين الفترة والأخرى لا تغطي سوى جزءًا من احتياجات الأهالي في مديريات ريمة، حيث تمر شهور عدّة دون أن تحصل بعض الأسر على اسطوانة غاز تطهو بها الطعام.

ذلك الأمر دفع الكثير من الأهالي لوضع حلول تساعدهم في التغلب على أزمة الغاز، فكانت السوق السوداء هي الحل بالنسبة لبعض المواطنين ذوي الأحوال المادية المتيسرة، إذ يقومون بشراء اسطوانات الغاز بأسعار باهظة، تصل إلى أكثر من 10 آلاف للاسطوانة الواحدة، بحسب فيصل.
ويوضح فيصل “لأن الغاز منعدم ونشتريه من السوق السوداء بأسعار مرتفعة، فنحن نحاول ترشيد استخدامه، فنستخدمه فقط لطهي الطعام، ونستخدم الحطب في صناعة الخبز بالموفا”.

أما المواطنين ذوي الدخل المادي المحدود، وهم الأغلبية، فقد عادوا لاستخدام الحطب والفحم لطهي الطعام بدلاً عن الغاز المنزلي، فعاودت ظاهرة الاحتطاب للانتشار في مختلف مناطق ريمة، بعد أن كانت قد تراجعت خلال الأعوام التي سبقت عام 2015م، أثناء ما كان الغاز المنزلي متوفرًا بأسعار متوسطة تتناسب مع الحالة المادية للمواطن.

يشكو الأهالي من أن الحصة التي يتم تخصيصها لمديريات ريمة من مادة الغاز المنزلي لا تغطي الاحتياجات الضرورية في ظل تزايد الكثافة السكانية، متسائلين عن الآلية التي اتبعتها الجهات الرسمية لتحديد احتياجات المديريات من مادة الغاز المنزلي.

إلى ذلك يبرر ناجي الزايدي، ممثل الشركة اليمنية للغاز بريمة، “بالنسبة لكمية الغاز فليس هناك كمية محددة لأي محافظة، بل يتم ترحيل الكميات من دائرة صافر لكل محطة بحسب الانتاج حاليًا بدأت كميات الغاز تصل إلى ريمة بشكل أفضل، بشرط أن يتم توزيعها على مستوى والقرى بشكل عادل”. مشيرًا إلى أن شركة الغاز بالتنسيق مع السلطات المحلية، تعطى كل مديرية حصتها بحسب احتياج السكان والاستهلاك.

ويضيف في حديثه لـ”ريمة بوست” أن سبب انعدام الغاز يعود إلى صيانة الشركة في صافر وأحيانًا إلى القطاعات التي تتعرض لها ناقلات الغاز وهي في طريقها إلى المحافظات، الأمر الذي يؤثر على ترحيل الغاز، فتحدث أزمة في مادة الغاز ليس في ريمة فحسب بل على مستوى الجمهورية، بما فيها أمانة العاصمة، حد قوله.

أسعار باهظة

تتعدد الصعوبات التي تواجه المواطن الباحث عن مادة الغاز المنزلي في ريمة، وتتفاقم تكاليف شرائها؛ فبالرغم من توفرها أحيانًا بالسعر الرسمي الذي حددته شركة الغاز، 4460 ريال، إلا أنها تصل إلى المواطن بأسعار مرتفعة، إذ يتحمّل المواطن تكاليف نقل اسطوانات الغاز من محطة الغاز بمنطقة ربوع بني الخولي المحاذية للحديدة، إلى مديريات ومناطق ريمة، ما يثقل كاهل المواطن.

يقول منصور قايد، 43 عامًا، مواطن مديرية الجعفرية، إنه يدفع لمندوبي الغاز في عزلته 6 آلاف ريال مقابل اسطوانة غاز واحدة “ندفع 6 آلاف على أساس أنه السعر الرسمي للاسطوانة الغاز، وفوق ذلك أضطر لدفع ألفي ريال مقابل نقل الاسطوانة إلى منطقتنا الجبلية على ظهور الحمير، فتصل تكاليف الاسطوانة 8 آلاف ريال”.

ويشير منصور، إلى أنه يتحمل تكاليف نقل الغاز من محطة ربوع بني الخولي إلى الجعفرية، إضافة إلى تكاليف نقلها من المكان الطريق الاسفلتي حيث تصل ناقلة الدينا التي تقل الغاز إلى رأس الجبل حيث يسكن في منطقة لا يوجد فيها طريق للسيارة، وهو وضع يشبه حالة الكثير من أبناء المناطق الأخرى في ريمة، والذي يفاقم الأعباء المعيشية للأهالي.

وبعد بحث أجريناه في “ريمة بوست” حول أسعار اسطوانات الغاز الرسمي الذي يتم توفيره إلى مراكز المديريات بريمة بعد إضافة أجور النقل، تبيّن أن السعر المتوسط للاسطوانة الواحدة يصل إلى، 8 آلاف ريال في مديرية الجبين، و 6 آلاف ريال في مديرية الجعفرية، و6500 ريال في مديرية مزهر، 6 آلاف ريال في مديرية كسمة، و 7 آلاف في مديرية السلفية، و 6 آلاف في بلاد الطعام.

إلى ذلك، يُرجع محمد المنتصر، مدير مكتب الصناعة والتجارة بريمة، وصول الغاز إلى مديريات ريمة بأسعار مرتفعة مقارنة بالسعر الرسمي المحدد بـ 4460 ريال؛ يرجعه إلى ارتفاع أجور نقل الغاز من محطة بني الخولي إلى مختلف مناطق ريمة، مؤكدًا ان شركة الغاز اليمنية تقوم بإيصال حصة المحافظة من الغاز إلى محطة بني الخولي، بسبب صعوبة وصول ناقلات الغاز الكبيرة إلى ريمة.

يبقى حصول المواطنين على اسطوانة غاز، أمنية محفوفة بالكثير من الصعوبات التي يتحمّلها المواطن بمفرده في ظل تردٍ للأوضاع الاقتصادية نتيجة الحرب، لكن ما يخفف وطأة تلك الأزمة في مادة الغاز المنزلي – وفقًا لمواطنين – توفر الحطب في معظم المناطق وسهولة الحصول عليه ولو بأسعار متوسطة تتماشى مع أوضاعهم المادية مقارنة بأسعار الغاز الباهظة.