سد الخربة بالسلفية وتظهر أطرافه مدفونة بمخلفات الأمطار
سد الخربة بالسلفية وتظهر أطرافه مدفونة بمخلفات الأمطار
‏  5 دقائق للقراءة        986    كلمة

يستقبل سد الخربة المائي بمديرية السلفية خلال هذه الأيام موسمًا ماطرًا غير أن كمية المياه القادمة إليه لا تجد سوى مساحة قليلة بعد أن أصبح الحاجز المائي الوحيد لعزلة النوبة بالمديرية طافح بالصخور والأتربة التي خلفتها الأمطار على مدى العشرة الأعوام الماضية.

مشروع مُهم

أكثر من عشرة آلاف أسرة في عزلة النوبة والقرى المجاورة تعتمد على مياه الحاجز المائي الذي يغذي عدد من الأحواض والغيول، غير أن انخفاض منسوب المياه فيه أثار القلق في أوساط هذه الأسر، خصوصًا تلك العاملة في المجال الزراعي. وهو ما يُعبر عنه نجم الدين مطهر (18عام) أحد المزارعين في المنطقة قائلا: إن قرابة ثلثي مساحة السد دفنتها المخلفات المتراكمة منذُ أحد عشر عامًا وأن الناس يجدون حاجتهم في الماء من هذا المشروع لكن المخلفات الترابية والصخرية تهدده بالدفن.

مطلع عام 2010 بُني الحاجز المائي في قرية الخربة بعزلة النوبة عبر صندوق الأشغال العامة بهدف تجميع مياه الأمطار والسيول لتغذية الأحواض والعيون المائية القريبة منه والتي تعتُبر مورداً أساسياً للمياه لمناطق التجمعات السكانية والزراعية في القرية التي تضم الزهب والجلب والخانق والحناديد والحجرة.

ساهم انشاء سد الخربة في خدمة الأهالي في عدة قرى وتوفير احتياجاتهم من مياه الشرب والاستخدام اليومي، بحيث يتم نقل المياه من العيون المائية على ظهور الحمير أو على ظهور الأطفال والنساء، ليغطي احتياج السكان خلال العام، دون الشعور بالقحط والجفاف الذي يتزامن غالبًا مع دخول فصل الشتاء أو قد يستمر هذا الجفاف أحيانًا لأكثر من عام، حد قول نجم الدين مطهر.

ازدهار الزراعة

أما عن استفادة الجانب الزراعي، يقول منصور الحاج، 32 عامًا، أحد المزارعين ومشرف على انشاء السد، إن سد الخربة أحد المشاريع المهمة التي تخدم السكان هناك، موضحًا، أن “منذ تم بناء السد انتعشت الزراعة بشكل كبير، حيث زرع الناس بعض أنواع الخضروات والفواكه والحبوب والبقوليات بالإضافة لشجرة للقات”.

ويضيف الحاج إلى أن الأهالي يسقون مزارعهم من مياه السد على مدار العام خصوصًا في فصل الشتاء الجاف وفي أوقات القحط، ما ساعد في التغلب على مشكلة نقص المياه وازدهار الزراعة بشكل كبير، وهو الأمر ذاته الذي يشير إليه أيضًا المزارع نجم الدين مطهر، حيث يؤكد أن قيام الأهالي بزراعة العديد من أنواع الخضروات والفواكه ساعد في تغطية الاحتياج الذاتي للمعيشة.

إحدى مزارع الطماطم التي تستفيد من مياه السد
إحدى مزارع الطماطم التي تسقى من مياه السد

كما ساعدت مياه السد في تحسين مصدر دخل المزارعين من خلال تسويق وبيع بعض تلك المحاصيل الزراعية كـ الطماطم والبطاط وغيرها؛ في الأسواق، وفقًا لنجم الدين مطهر، الذي يعبّر عن مخاوفه من جفاف المياه في العيون المائية بسبب دفن المخلفات الصخرية والترابية – التي تتركها الأمطار – لأجزاء واسعة من سد الخربة، ما سيؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين.

مواجهة الإهمال

بالرغم من الأهمية التي يلعبها سد الخربة في حياة الأهالي القاطنين في القرى المجاورة له إلا أنه لم يلق صيانة منذ تم بناؤه في العام 2010م، ولم يتم تنظيف العبّارة التي وضعت في مجرى السيل لحجز المخلفات قبل وصولها إلى السد، ما تسبب بتراكم المخلفات الترابية والصخرية ووصولها إلى السد ودفن أجزاء واسعة منه، خصوصًا مع مواسم الأمطار الغزيرة، وهو الأمر الذي يهدد مصلحة المجتمع، بحسب المزارع نجم الدين مطهر.

ويرجع نجم الدين، مشكلة تراكم المخلفات بداخل السد إلى ضيق حجم العبّارة التي يفترض أن تكون واسعة أو يكون هناك عبّارتين خصوصًا أن السد كبير، إضافة إلى الإهمال غير المتعمد من قبل الأهالي بسبب انشغالهم بظروف الحياة والبحث عن لقمة العيش، وقلة الدخل في ظل الظروف المعيشية الصعبة والمتقلبة خلال السنوات العشر الماضية التي رافقتها الأزمات والحروب المتتالية في الوطن بشكل عام.

من جهة أخرى، يرى محمد غالب السعيدي، مهندس مدني، أن مشكلة تراكم المخلفات هي بسبب إهمال المستفيدين (الأهالي) الذين من المفترض أن يقوموا بتنظيف العبّارة ورفع المخلفات الترابية والصخرية التي تخلفها السيول والأمطار بشكل سنوي كي لا تتراكم وتصل إلى داخل السد، مشيرًا إلى أن الحل الأنسب حاليًا “يحتاج شيول لإخراج المخلفات الترابية والصخرية إلى بعد الحاجز وليس إلى قبله لأن المطر قد يرجعه الى داخل الحاجز”.

ويضيف في حديثه لـ “ريمة بوست” أن “إذا كانت المساحة الساكبة إلى السد تربة مفككة فقد تتساقط مع كل الأمطار أي يحصل انجرافات للتربة والأحجار والأمر يحتاج إلى مصدّات أعلى من السد لحجز تلك الرواسب، بحيث تكون المصدّات من الجابيونات (السلال التي تعبأ بالأحجار) حيث تسمح للماء بالمرور وتحكم الأحجار والأتربة وعلى المواطنين تنظيفها سنويا مالم فلن تفيد سوى لسنة أو سنتين وترجع المشكلة ذاتها”.

مناشدة

وعن الجهود المجتمعية، يلفت المزارع “نجم الدين” إلى أن الحالة المعيشية أصبحت أكثر صعوبةً وأنه ليس بوسع المواطنين القدرة على تنظيف السد ورفع المخلفات الترابية والصخرية كون العملية تحتاج إلى تكاليف مرتفعة، مشيرًا إلى أن المواطنين قاموا خلال هذه الفترة بجمع 300 ألف ريال لصالح تنظيف السد ولكنها لا تكفي، لأنهم بحاجة إلى معدات ثقيلة (شيول وقلاب) لرفعها من داخل السد.

ويناشد المواطنون الجهات المعنية والمجتمعية لمساعدتهم في رفع المخلفات من سد الخربة الذي يغذي العديد من العيون والأحواض المائية التي تعتبر المصدر الرئيس للمياه لقرية الخربة والقرى المجاورة لها، خصوصًا مع اقتراب موسم الأمطار والذي سيزيد في دفن السد ما سيجعلهم تحت طائلة القحط والجفاف وسيؤثر على محاصيلهم الزراعية التي تساعدهم في التغلب على صعوبات الوضع المعيشي.

 

تحرير:ريمة بوست