عبدالعزيز.. بين سندان سوء التغذية ومطرقة الورم

‏  4 دقائق للقراءة        606    كلمة

يتعالى صراخه بالبكاء أحيانا، ثم لا يلبث كثيرا حتى يهدأ وينتابه النعاس على سرير أبيض بمستشفى السبعين للأمومة والطفولة. هكذا تبدو حالة الطفل عبدالعزيز جمال ذو الأربعة أشهر، وقد أنهكه المرض الذي يلازمه منذ اليوم الرابع من ولادته بقرية الكديد بمديرية السلفية بريمة، إذ يعاني من سوء حاد في التغذية، إضافة إلى إلتهاب في الصدر، ومرض آخر لم يتم تشخيصه حتى اليوم.

يقول والده جمال الشبلي، أن منذ اليوم الرابع لولادة عبدالعزيز، ظهرت أورام صغيرة تحت الجلد في معظم جسده، وأنه ظل يعاني منها، حتى بلغ عمره عشرين يوما قام بإسعافه إلى صنعاء، وعملوا له الفحوصات اللازمة، وأخبروه المختصين أن حالة الطفل طبيعية، فعاد إلى منزله بريمة.

ويضيف في حديثه لـ”ريمة بوست”: “لكن الفترة الأخيرة تعب كثير. لأنه كان يرضع كثير ولكن سريع الإخراج. وبعدها ما عاد رضي يرضع. فأخذناه مستشفى السبعين ورقدناه”. أي خلال الأربعة الأشهر ساءت حالة الطفل الصحية، ويعاني من اسهال حاد يخرج كل ما يدخل معدته، فاضطر والده لإسعافه إلى صنعاء، كونه يعيش في محافظة نائية تفتقر إلى مراكز تقدم الرعاية الصحية للمرأة والطفل، ويعاني معظم أطفالها لأبسط خدمات الرعاية الصحية، في ظل حرب مستعرة منذ ما يقارب خمسة أعوام.

ومنذ الأحد المنصرم، يرقد الطفل عبد العزيز في مستشفى السبعين للأمومة والطفولة، فحالته تتطلب رعاية صحية مناسبة، تقول الدكتورة سناء المقطري، دكتورة في ذات المستشفى، أنه يعاني من سوء تغذية حاد، وأن حالته الصحية متدنية، إذ أن وزنه أقل من 3 كيلو جرام، وهو وزن قليل مقارنة بعمره.

وتضيف المقطري أن الطفل يعاني من التهاب بالصدر وضعف شديد، ويحتاج إلى رعاية وتغذية جيدة، والمستشفى يقدم له الخدمات اللازمة، حتى يستعيد قدرته على الرضاعة، أو سيأخذ الحليب من التغذية.

وكانت قد قالت منظمة اليونيسف للطفولة في تقريرها الصادر في أكتوبر 2019م أن في اليمن، يعاني 2 مليون طفل تقريباً من سوء التغذية الحاد، من بينهم حوالي 360 ألف طفل تحت عمر الـ5 أعوام. وأشارت المنظمة إلى أنهم “يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة”.

لم تنتهِ معاناة الطفل، إذ ما يزال مرقدا في المستشفى بانتظار خروج الفحوصات التشخيصية للأورام المنتشرة على جسده، يقول والده أن هذه الأورام قد أثارت قلقه وأنه قد أجري للطفل العديد من الفحوصات الطبية والكشافات التلفزيونية، في مستشفيات ومختبرات طبية عديدة، ولم تخرج نتيجتها حتى اليوم. في الوقت ذاته تستبعد الدكتورة المقطري أن تكون تلك أورام خبيثة، مشيرة في الوقت ذاته أن الفحص المأخوذ من نخاع عظم الطفل سيوضح نوعية تلك الأورام ما إذا كانت خبيثة أم مجرد مرض جلدي.

يصارع الوالد جمال الشبلي، وهو موظف حكومي في قطاع التربية؛ ظروف الحياة من أجل علاج طفله في مستشفيات صنعاء التي ترتفع فيها تكاليف الخدمات العلاجية بشكل جنوني. رغم انقطاع الرواتب منذ ما يقارب خمسة أعوام، إذ يقول تعليقا على الظروف التي فرضتها عليه حالة طفله الصحية، “الحمدلله ماشي الحال. بيعين الله كل شيء بيخارجها الله. نعمل جهدنا لما نصل. الحياة هي هكذا”.

يعتبر الطفل عبدالعزيز واحدا من بين آلاف الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد والوخيم في اليمن عموما، حيث تشير احصائيات منظمة الطفولة اليونيسف أن أكثر من مليونَي طفل يمني يعانون سوء التغذية، فيما يقضي طفل واحد في كلّ 10 دقائق لأسباب يمكن تجنّبها، بما في ذلك سوء التغذية الحاد والمتوسط وتؤكد منظمة اليونيسف أن 92% من أطفال اليمن يعانون سوء التغذية في أنحاء البلاد وأن جميعهم يعانون من نقص الوزن. إذ تسببت الحرب في تدهور اقتصادي للبلاد أدى إلى نقص الغذاء وتدني الحالة المعيشية للملايين من الأسر.