النشاط الرياضي في ريمة قطاع مُهمل وحضور باهت

‏  7 دقائق للقراءة        1296    كلمة

في محافظة تزيد مساحتها عن 943 ميل مربع، يفتقر النشء والشباب لملعب كرة قدم أو حتى منشأة رياضية تساهم في اكتشاف وصقل مهاراتهم، سواء في رياضة كرة القدم أو غيرها من المهارات الرياضية الأخرى، ما انعكس سلبًا على الحضور الرياضي للمحافظة على المستوى المحلي، رغم مرور أكثر من 16 عامًا على إعلان ريمة محافظة مستقلة.

 

الحضور الباهت التي تمثله محافظة ريمة في الأنشطة الرياضية على المستوى الوطني، ليس إلا نتيجة منطقية للإهمال المتواصل الذي يعانيه قطاع الرياضة والرياضيين في المحافظة منذ حتى ما قبل الحرب، والتي بدورها أيضًا، فاقمت أوضاع القطاع الرياضي الهش، ليظل النشء والشباب يفتقرون إلى أبسط حقوقهم.

 

تجاهل مجتمعي ورسمي

بالنظر إلى واقع الرياضة في ريمة، فالواضح أن الرياضة محصورة بشكل رئيسي في رياضة كرة القدم، وبالرغم من ذلك إلا أنها لم تحصل على حقها من الاهتمام، الأمر الذي جعل أنديتها الثلاثة في أسفل قائمة منافسات الأندية اليمنية في معظم الدوريات الرياضية، أبرزها تلقي فريق شباب الجبين لـ 15 هدفًا نظيفًا من فريق شباب عبس ضمن أنشطة بطولة أندية الدرجة الثالثة، نهاية ديسمبر المنصرم 2021م.

 

إلى ذلك، يقول عبدالله الواقدي، المشرف الرياضي لنادي النصر لكرة القدم، إن انعدام المنشآت الرياضية والملاعب والصالات في المحافظة وعدم اهتمام الجهات المعنية بالرياضة بريمة، أدى إلى عزوف الكثير من الشباب عن الالتحاق بمجال الرياضة، ما تسبب بشكل أساسي في قلة الوعي والثقافة الرياضية لدى الأهالي بريمة، وجعلهم ينظرون إلى الرياضة بعين العيب أو النشاط الغير مناسب للشباب.

 

ويشير الواقدي في حديثه لـ”ريمة بوست”، من واقع تجربته كمشرف رياضي، إلى أن “للأسف ليس هناك ثقافة رياضية، لذلك تجد أكثر الناس تعيب على من يمارس الرياضة، حتى عند ارتداء الملابس الرياضية خاصة أبناء المناطق الجبلية، كما أن انعدام الثقافة الرياضية حتى لدى الشباب أنفسهم يدفعهم لعدم الالتحاق بالتربية الرياضية ويلتحقون بكليات مثل الطب والاعلام والتربية وغيرها”.

 

أندية بلا ملاعب

يوجد في محافظة ريمة بمديرياتها الست، ثلاثة أندية فقط بحسب خارطة وزارة الشباب والرياضة الإدارة العامة للاتحادات والأندية للعام 2013م، أقدمها نادي “نصر ريمة” بالجعفرية الذي تم تأسيسه عام 1993م، حيث يمارس فقط رياضة كرة القدم، بعد كان يمارس أكثر من لعبة ولكن مع مرور الوقت وعدم الاهتمام من قبل قيادة المحافظة ووزارة الشباب والرياضة انحصر نشاطه في لعبة كرة القدم.

 

ولا يختلف الوضع بالنسبة للناديين الأخريين، نادي جبلان بمديرية كسمة، ونادي شباب الجبين، إذ يفتقران لأبسط الامكانيات الرياضية، لعل أهمها الملاعب والصالات الرياضية، في ظل إهمال من قبل وزارة الشباب والرياضة والسلطة المحلية وعدم سعيهما من أجل إيجاد أنشطة رياضية تليق بمحافظة يبلغ تعداد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة.

 

في السياق ذاته، يوضح محمد الناحتي، مدير مكتب الشباب والرياضة بريمة، إن قطاع الشباب والرياضة في المحافظة لم يحظ العام الماضي 2021م، بأي اهتمام من قبل السلطة المحلية أو من قبل وزارة الشباب والرياضة، ما عدا نشاط وحيد من قبل الوزارة، وهو البطولة الأولى لأندية الدرجة الثالثة.

 

ويضيف في حديثه لـ”ريمة بوست”، أن شباب ريمة يفتقرون حتى إلى ملاعب وصالات رياضية مؤهلة وليس هناك سوى ملعب ترابي وحيد في مركز المحافظة بالجبين (ملعب 21 سبتمبر)، وهو ملعب مؤقت تم تأهيله بإمكانيات ذاتية بسيطة، ويتم فيه استقبال فرق الأندية والمدارس لتنفيذ دوريات كرة القدم وكرة الطائرة.

 

ويردف الناحتي، أن منذ توليه إدارة مكتب الشباب والرياضة، فقد تم تنفيذ العديد من الأنشطة والدوريات الرياضية لكرة القدم والطائرة ومارثونات السباحة، مشيرًا إلى أنها أنشطة مؤقتة تقام بالتزامن مع المناسبات الدينية والوطنية، وتنفذ وفق الامكانيات المتاحة وبجهود ذاتية، بسبب عدم توفر ميزانية تنفيذ الأنشطة الرياضية، نتيجة ظروف الوطن وما يعيشه من “عدوان وحصار”.

 

مبدعون ولكن..

تلك الظروف المتداخلة سواء عدم اهتمام الجهات المعنية بالرياضة في ريمة منذ عقود أو النظرة المجتمعية القاصرة تجاهها، دفعت الكثير من الشباب إلى عدم إعارة الرياضة أي اهتمام، عدا عن القليل منهم الذين اضطروا للهجرة إلى محافظات يمنية أخرى، وبذلك استطاعوا تحقيق أحلامهم في الالتحاق بمؤسسات وأندية رياضية تبني قدراتهم ولو بالحد الأدنى.

 

إذ لم يكن يومًا شباب ريمة أقل مهارةً أو حضورًا في الأنشطة الرياضية، بل العكس متى ما وجدوا الرعاية الكاملة والتأهيل الجيد الذي يصقل مهاراتهم، وهو ما تؤكده العديد من الشخصيات الرياضية الريمية التي تلقت التأهيل والتدريب في محافظات أخرى، كـ صنعاء والحديدة وغيرها، فلمع صيتها على المستويين الوطني والعربي.

 

وبدون جهد في البحث، نجد أن هناك الكثير من الشخصيات الرياضية الريمية التي أتيحت لها الفرصة فحققت نجاحات ملموسة، مثل حمزة الريمي، لاعب المنتخب الوطني للناشئين، والطفل إمام الذارعي، الحاصل على الميدالية الذهبية في بطولة فلسطين للتايكواندو والمركز الأول على الجمهورية في رياضة التيكواندو، وياسمين الريمي، التي أحرزت الميدالية الفضية في البطولة العربية للرماية في مصر، وغيرهم الكثير من الشباب الذين لا يسعنا ذكرهم، سواء في رياضة كرة القدم وغيرها من الرياضات المتنوعة.

 

“فاقد الشيء لا يعطيه”

لم يقتصر الاهمال الذي يعانيه قطاع الشباب والرياضة بريمة على انعدام الملاعب وعدم الاهتمام بالأندية الرياضية فحسب؛ بل يعاني منذ سنوات من صعوبات عديدة أخرى، أبرزها ما يعانيها مكتب الشباب والرياضة في المحافظة، الأمر الذي حال دون انجاز الكثير، فـ “فاقد الشيء لا يعطيه”.

 

يبيّن الناحتي، أن الصعوبات عديدة، لكن الأشد والأنكى أن هذه الصعوبات تواجه حتى مكتب الشباب والرياضة ذاته، مشيرًا إلى أن “مكتب الشباب والرياضة يفتقر لمقر مؤهل بالأثاث والمكاتب والطابعات والأجهزة والشاشات، بل ليس لدينا حتى جهاز كمبيوتر وطابعة، كما أن لدى المكتب ميزانية تشغيلية ضعيفة لا تلبي الاحتياجات، في حين أن الفروع بالمديريات ليس لديهم أي نفقات، إضافة إلى افتقارنا لوسيلة نقل رغم أهميتها للتنقل بين المديريات في ظل وعورة الطرقات”.

 

ولا يخفي الناحتي، أنه ليس هناك أي اهتمام من قبل السلطة المحلية ووزارة الشباب والرياضة، بالأندية الثلاثة في ريمة لتدريبهم وتأهيلهم، والذين يفتقرون هم وغيرهم من الشباب لصالات ومراكز مؤهلة تحتوي جميع الفرق الرياضية، حيث على الأقل هم بحاجة تأهيل 18 ملعب ترابي في مختلف المديريات لتشجيعهم على الرياضة.

 

وعن بيوت الشباب في مديريات المحافظة، يؤكد الناحتي، أن بيوت الشباب في مديريتي كسمة وبلاد الطعام أصبحت مشاريع متعثرة ولم يتم استكمالها، في حين تفتقر بيت الشباب بمديرية مزهر إلى الترميم، موضحًا أن مكتب الشباب والرياضة لم يتسلم بيوت الشباب التي تحت تصرف “الأمن”، ليتم تفعيلها لما خصصت له، بحيث تكون مراكز احتواء للشباب ومراكز تدريب وتأهيل ثقافي لجميع فئات الشباب.

 

في ظل الوضع الرياضي المتردي بريمة، يبقى السؤال قائمًا حول أدوار وزارة الشباب والرياضة وصندوق النشء والشباب المعني بدعم النشء والشباب ودعم الأنشطة الشبابية والتأهيل والتدريب، لكن يبدو أن محافظة ريمة تعيش خارج قائمة اهتمامات هذه الجهات، ليظل النشء والشباب هناك يفتقرون لأبسط الامكانيات الرياضية أو برامج التدريب والتأهيل.