الشاعر محمد اسماعيل الأبارة: لا أتصور أن يهدأ أوار القصيدة في وجداني

صورة شخصية للشاعر محمد اسماعيل الأبارة
‏  6 دقائق للقراءة        1006    كلمة

الكُتّاب والشعراء يتحملون مسؤوليات كبيرة في توعية مجتمعاتهم، حيث للحرف والقافية مكانة وتأثيرًا على عقول ووجدان البشر، ويسهم مساهمة فاعلة في بناء أجيال متسلّحة بالعلم والمعرفة، ومن المثير للاهتمام أن الساحة الثقافية اليمنية مليئة بالكثير من هؤلاء الشعراء والمثقفين البارزين.

في هذا الحوار الذي أجرته منصة “ريمة بوست” مع الشاعر والأديب محمد اسماعيل الأبارة، نستعرض بدايات الحياة الثقافية للشاعر الأبارة ورحلته في مجالي الشعر والأدب، كونه رمزًا من رموز الأدب والثقافة في الوطن، وهو الذي قد أنتج عشرة دواوين شعرية أخرهم “زمان المعنى”.

للأبارة أدوار فاعلة في مختلف المجالات الثقافية، فقد مثّل اليمن في مؤتمر الشباب القومي عام 1987م بالخرطوم، وشارك ضمن وفد المنظمات الجماهيرية والإبداعية في ليبيا، له العديد من الكتابات النثرية والشعرية في الصحف والمجلات، وتقلّد منصب رئيس تحرير صحيفة ريمة سابقًا، واختير مؤخرًا رئيسًا لمنتدى شعراء ريمة.

 

  • متى بدأت رحلتكم مع الشعر؟

بدأت رحلتي مع الشعر في بداية الثمانينيات وكانت، أول مجموعة شعرية طبعتها هي ( القادمون من المذابح) ومعظم قصائدها عن القضية الفلسطينية، طبعتها في الأردن بدعم من الكلية التي كنت أدرس فيها الهندسة المدنية،  حيث فزت بالمركز الأول في مسابقة ثقافية للكليات الجامعية، في منتصف الثمانينيات.

  • ما مدى الاهتمام الذي حظيت به كشاعر من وزارة الثقافة، وهل هناك من  ساعدك سواء الوزارة أو الجهات الثقافية الأخرى بنشر أعمالك؟

الدعم من وزارة الثقافة فلا يوجد، لكنهم فقط قبل الحرب كانوا يشترون ما يصل إلى 30 نسخة من الإصدارات عن طريق صندوق التراث بسعر تشجيعي، كما هو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين لكنني كتبت لوزارة الثقافة أعمالا غنائية استعراضية في المناسبات المختلفة، وهذه طبعا نحصل منها على عوائد مادية، كان ذلك قبل الحرب بالطبع، أما موضوع النشر فكان يتم عن طريق عرض الإصدارات في المعارض الخاصة بالكتاب في الوطن وفي بعض البلدان العربية.

  • ما هي أول تجربة لك مع الاوبريتات، وكيف كانت؟

أول تجربة لي مع الأوبريتات كانت حين طلب مني وزير الثقافة الأسبق عبدالملك منصور كتابة أوبريت إنشادي مموسق يقدم في مناسبة المولد النبوي واقترحت عليه أن أكتب الكلمات على ألحان صوفية من ريمة ووافق،  وكتبت الأوبريت وجلست مع الفرقة الموسيقية بقيادة الموسيقار الكبير جابر علي أحمد وفرقة قاسم زبيدة الإنشادية حتى أجادوا حفظ الألحان، وتم تقديم الأوبريت، ولاقى نجاحًا كبيرًا.

أتذكر أن السفير الفرنسي حضر الاحتفالية في المركز الثقافي وأعجب بالعمل وطلب من الوزير نسخة منه،  فسألت الوزير هل السفير يفهم لغة الأناشيد فأجاب بالنفي مضيفًا أن السفير معجب جدا بهذه الألحان الصوفية الذي لم يسمع شبيها لها إلا بعض الألحان الأندلسية وأنه متيم بهذه الألحان حد الوله. هذا الأوبريت الذي كان عنوانه (ميلاد  النور) أعيد تقديمه أيام الوزير خالد الرويشان في صنعاء عاصمة الثقافة العربية 2004م وحصد المركز الأول في الأعمال الإنشادية.

  • هل توقفت عن كتابة الأوبريت بعد سهيل اليماني وهل هناك اعمال لك جديدة في مجال انتاج الأوبريت؟

أخر أوبريت كتبته كان بعنوان (أخي) خلال فترة الحوار الوطني، لا يوجد الآن أوبريت جديد في طور التشكّل، بعد أن كتبت أو شاركت مع آخرين في كتابة العديد من الأوبريتاث.. بعضها أنتجتها الفضائية اليمنية ومنها السهيل اليماني، ونبأ من سبأ وبعضها قدم على خشبة المسرح وبعضها لم يقدم لأسباب إنتاجية وأحيانا سياسية.

  • ما هو جديد الأبارة، وهل هناك مفاجئة ينتظر الأبارة الوقت المناسب ليعرضها سواء إصدار مجموعة شعرية او غيرها؟

أعتكف الآن للكتابة التاريخية من خلال كتابة مذكراتي، بما فيها الكتابة عن فترة الجبهة الوطنية الديمقراطية بكل ما لها وما عليها، وحين الانتهاء من الحلقات سأعمل على نشرها في كتاب بمساعدة دور نشر من خارج الوطن أو على وجه الدقة ستتم الطباعة عن طريق كتّاب يمنيين كبار يتواجدون خارج الوطن.

أما الكتابة الشعرية، فلا أتصور أن تهدأ أغوار القصيدة في وجداني وما زلت أقترفها، وربما لن تتوقف إلا إذا جف نهر الحياة.

  • هل هناك تقييم للأعمال الأدبية التي تنشر في الساحة الثقافية وما مدى الاهتمام بهذا الجانب النقدي؟

هناك دراسات نقدية بالطبع من نقاد كبار لما نكتب، جلها تعرض في الاحتفاليات الخاصة بإشهار الإصدارات أو في مواقع التواصل الاجتماعي أو في كتب يصدرها نقاد كبار.

  • مَن مِن الكُتّاب والشعراء الذين تقرأ لهم؟

كثر، سأذكر لك بعضا منهم،  يمنيين أو عربا، كـ عبدالله البردوني، عبدالعزيز المقالح، محمد حسين هيثم، حسن الشرفي، مطهر الإرياني، عبدالله عبدالوهاب نعمان، صالح سحلول، هدى أبلان، محمود درويش، سميح القاسم، الجواهري، غازي القصيبي، محمد الثبيتي، بدر شاكر السياب، فدوى طوقان، وغيرهم كُثر، خصوصًا من الراهنين، ومنهم شعراء ريمة الأجلاء.

  • أصبحت مؤخرًا رئيس لمنتدى شعراء ريمة، كيف تقرأ سير المنتدى؟

اختارني الأعزاء في المنتدى رئيسًا رغم أنفي، وبالطبع المنتدى يضم كوكبة من شعراء ومبدعي ريمة الذين يتبوؤون مكانة رفيعة في الوطن وبعضهم لهم حضور عربي فاعل. قد حاولت الاعتذار لكوني غير متفرغ لأعطي المنتدى حقه من الاهتمام، وتحت إصرارهم قبلت على أن تكون القيادة الفعلية للشباب برئاسة الشاعر الجميل فادي الحميري، الذي يقع على عاتقه كنائب للرئيس – وهو في الواقع الرئيس الفعلي، ومعه بقية الشباب – تنظيم فعاليات المنتدى على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يديرونها بكل كفاءة، ومن ذلك ضم العديد من المبدعين لفعاليات المنتدى وهم المعنيون بالإعداد للمسابقة السنوية لهذا العام، خاصة في انشغالي في موضوع معالجة عينيّ جرّاء عملية خاطئة أُجريت لي قبل أشهر، وهؤلاء الشباب في محل من الكمال والثقة.

  • ما هي رؤية الأبارة لمستقبل الثقافة في بلدنا؟

الثقافي مرتبط عضويا بالسياسي، والسياسي للأسف في بلادنا خارج منظومة الإدراك ومنهمك في نسج أحابيل الحرب وتجارته. ومن ثم فإن الثقافة تخرج كليةً عن دائرة اهتمام المؤسسات الرسمية، ولكن الهدير الثقافي الشعبي حتمًا حاضرًا وبقوة في وجه هذا الانحطاط العام الذي آلت إليه أمور الوطن كنتيجة حتمية لانحطاط الفعل السياسي وغيِّه، وأتوقّع أن يتصاعد هذا الهدير حد الانفجار.