سكان في منطقة بني الحصامي بالجعفرية يشكون حرمانهم من المساعدات الإغاثية

عاملين في جمعية الهلال الاحمر اليمني بريمة يقومون بتوزيع المساعدات في احدى مناطق ريمة
‏  7 دقائق للقراءة        1284    كلمة

ازدادت خلال الآونة الأخيرة شكاوى أهالي عزلة بني الحصامي بالجعفرية، من الحرمان من المساعدات التي تقدمها المنظمات الإغاثية للنازحين والمتضررين من الأمطار والفئات الأشد فقرًا في المنطقة، ما فاقم معاناتهم، في ظل تردِ الوضع المعيشي نتيجة ظروف النزوح والحرب وآثارها السلبية.

 

عمار علي حسن، 34 عامًا، نازح، واحد ممن لم يتلقوا أي نوع من المساعدات، رغم مرور أكثر من تسعة أشهر على وصوله إلى عزلة بني الحصامي بالجعفرية، بعد أن أجبر على النزوح برفقة أسرته من حي الجمهوري بمدينة تعز (غربي اليمن)، نتيجة الحرب الدائرة هناك وظروفها التي انعكست على وضعه المعيشي وتسببت بتدهور مصدر رزقه الوحيد.

 

هربًا من الحرب وآثارها نزح عمار إلى ذلك المنزل القديم الذي يعود امتلاكه لجده بالجعفرية لكنه هناك لاقى صعوبات أكثر إيلامًا، خاصة ما يتعلق بوضعه المعيشي والمادي كنازح فقد مصدر رزقه الذي كان عبارة عن محل (لبيع المواد الغذائية) في حي الجمهوري بمدينة تعز، ليستقر به الحال في قرية النائية تفتقر لأبسط مقومات الحياة.

 

يقول عمار، إنه منذ ما يقارب تسعة أشهر – أي منذ نزوحه – يكافح وحيدًا في القرية لكسب لقمة العيش من عمل يده وعرق جبينه، حيث يمارس أعمال الزراعة لدى الأهالي مقابل بعض المال، والذي لا يوفر له ولو الحد الأدنى من الاحتياجات المعيشية لأسرته المكونة من زوجته وأطفاله الخمسة.

 

ويضيف لـ”ريمة بوست”: “كنت أسكن في تعز منذ 17 عامًا ولدي بقالة لبيع المواد الغذائية أعمل فيها، ولكني اضطررت للنزوح والعودة إلى ريمة بعد تضرر بقالتي وتدهور العمل فيها وتراكم الديون والإيجارات بسبب الحرب وظروفها على مدينة تعز والمنطقة التي كنت أسكنها”.

 

يردف أن النزوح تسبب بتفاقم وضعه المادي والمعيشي في ظل غلاء الأسعار وانعدام فرص العمل وغياب المنظمات الدولية التي تقوم بدعم النازحين من الحرب من أجل التخفيف من العبء الذي يطالهم، موضحًا أن بالرغم من تسجيله ضمن كشوفات النازحين لأكثر من مرة إلا أنه لم يتلق أي نوع من المساعدات أو المعونات الإنسانية منذ نزوحه حتى اليوم.

 

شكاوى الحرمان

ليس عمار وحده من يشكو الحرمان من المساعدات التي يستحقها كنازح متضرر من الحرب، بل هناك العديد من النازحين في منطقة بني الحصامي يشكون ذات الأمر، بحسب غيلان الحصامي، أمين المنطقة، والذي يقول إن حوالي 32 أسرة من النازحين و13 أسرة من المتضررين من الأمطار، حرموا ولم يتلقوا أي مساعدات أو معونات من قبل المنظمات المعنية.

 

وأضاف في حديث لـ”ريمة بوست”، وهو عضو لجنة مجتمعية، أنه قام لأكثر من مرة برفع كشوفات تضم أسماء النازحين والمتضررين من الأمطار في منطقة بني الحصامي إلى الجهات المعنية العاملة مع منظمة الإغاثة الدولية ومنظمة أكتد وغيرها إلا أنه لم يتم اعتماد أحد من تلك الحالات.

 

ويردف، أن في بداية الحرب تم تسجيل أكثر من 100 أسرة من الأسر النازحة في بني الحصامي إلا أن ذلك العدد ظل يتضاءل حتى أصبحت اليوم 25 أسرة فقط تحصل على حقها من تلك المساعدات، بالرغم أن الكثير منهم مستحق للحصول عليها نتيجة الأوضاع الصعبة الذي يعيشونها جرّاء النزوح وانعدام فرص العمل.

 

ويشير غيلان الحصامي، إلى أن عزلة بني الحصامي تعاني بشكل دائم إثر حرمان الكثير من النازحين والمتضررين والفئات الضعيفة من حقوقهم في المساعدات الإغاثية التي تساعد ولو بالحد الأدنى في التخفيف من وطأة الظروف الاقتصادية المتردية. متسائلاً: “هل هناك من يتعمّد حذف أسماء المستحقين من الكشوفات أم أن هناك أسباب ومعايير أخرى؟”.

 

للتعليق على ذلك حاولنا في “ريمة بوست” التواصل مع جهة الاختصاص في منظمة الإغاثة الدولية لكننا لم نجد تجاوبًا منهم، رغم محاولاتنا المتكررة.

 

ويبلغ عدد النازحين في مختلف مديريات محافظة ريمة، 9 آلاف و 409 أسرة، أي حوالي 56 ألفًا و454 فردًا. استقبلت مديرية الجعفرية النسبة الأكبر منهم بـنحو 2727 أسرة، في حين استقبلت مديرية مزهر 1855 أسرة، والجبين 1736 أسرة، والسلفية 1331 أسرة، وبلاد الطعام 1005 أسرة، وكسمة 755 أسرة، وفقًا لـ منظمة الهجرة الدولية وتقييم المناطق ومصفوفة النزوح للعام 2018م.

احصائيات النازحين بمحافظة ريمة
انفوجرافيك توضيحي لإعدد النازحين في محافظة ريمة /تصميم وتنفيذ:غدير الملحاني

التحقق الميداني

من جهة أخرى، يقول محمد جحاف، مدير فرع المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية بمديرية بالجعفرية، إن النازحين والمتضررين والفئات الفقيرة المشمولين في المسوحات الميدانية التي نفذت لدراسة الحالات المستحقة في مديرية الجعفرية بشكل عام؛ يتلقون المساعدات الغذائية بشكل دوري، ولم يحرموا من حقوقهم.

ويوضح في حديث لـ”ريمة بوست”، أن المنظمات العاملة في المجال الإنساني والإغاثي، يقومون ما بين فترة وأخرى بمسوح ميدانية للوصول إلى الحالات المستحقة من أجل حصولها على المساعدات ويتم اعتماد تلك الحالات وفقًا للشروط والمعايير التي تحددها المنظمات المعنية، ليس وفقًا فقط للكشوفات التي يرفعها المجلس.

وينفي جحاف، حذف أحد من الحالات المشمولة في كشوفات المساعدات على مستوى بني الحصامي أو غيرها من المناطق، عدا عن الحالات والأسر التي بيّنت المسوحات الميدانية أنهم غير مستحقين للحصول على المساعدات أو لم تنطبق عليهم المعايير، مشيرًا إلى أنه سيتم خلال الفترة المقبلة تنفيذ مسح للأسر النازحة وغيرها من الفئات المستهدفة بالجعفرية للتحقق من استحقاقها للمساعدات.

ويلفت جحاف، إلى أن تسجيل وتوزيع المساعدات الإنسانية لمستحقيها في العزل والقرى يخضع للمعايير التي تحددها المنظمات، وتفاوت نسبة المستحقين بين منطقة وأخرى أمر طبيعي، إذ أن التسجيل لا يخضع لمبدأ المحاصصة بل بحسب الحالات الحقيقية المستحقة التي يتم رفعها وتؤكدها لجان التحقق الميداني فيما بعد.

 

انعدام الأمن الغذائي

وفي أغسطس المنصرم 2021م، حذر البنك الدولي من أن نحو 70 في المئة من سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة يواجهون خطر المجاعة، في بلد يعدّ من بين أكثر بلدان العالم معاناة من انعدام الأمن الغذائي.

وقال البنك في تقرير على موقعه الالكتروني إن الصراع الدائر في اليمن منذ أكثر من ست سنوات خلف ما لا يقل عن 24.1 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، بينهم 12.3 مليون طفل و3.7 ملايين نازح داخليا.

وأكد التقرير أن الصراع دمّر الاقتصاد اليمني، حيث انخفض إجمالي الناتج المحلي بمقدار النصف منذ 2015، ما وضع أكثر من 80 في المئة من إجمالي السكان تحت خط الفقر.