صورة لطلاب إحدى المدارس
‏  6 دقائق للقراءة        1012    كلمة

مع اقتراب بدء العام الدراسي الجديد 2021/2022م، يسابق محمد حسن، 13 عامًا، الأيام ليقوم بجمع المنهج الدراسي للصف الثامن، الذي نجح إليه مؤخرًا، بعد أن عانى العام الماضي من انعدام الكتب الدراسية للصف السابع الأساسي، وهو ذات الحال الذي يعيشه آلاف الطلاب في مدارس محافظة ريمة.

في حديثٍ لـ”ريمة بوست” يقول: “كنت العام الماضي أتمنى الحصول فقط على كتابيّ مادتي الرياضيات والإنجليزي، كونها مواد صعبة وجديدة وأحتاج لكتاب أذاكر فيه لأنه من الصعب عليّ الاعتماد فقط على بعض الكلمات التي يكتبها الأستاذ على السبورة”.

ويضيف، أنه هذا العام بدأ مبكرًا بالبحث عن منهج دراسي، وأخذ بعضها من الطلاب السابقين، مشيرًا إلى أنه قد يضطر للاعتماد على أحد أٌقاربه بصنعاء لشراء بعض الكتب التي لم يجدها لدى زملائه، من السوق السوداء، حيث تباع بأسعار باهظة على الأرصفة سواء في صنعاء أو محافظات أخرى.

تدني المستوى الدراسي

انعدام الكتاب المدرسي مشكلة تسببت في تدني مستويات الطلاب الدراسية، وفقًا لأم منصور، 35 عامًا، التي تقول، إن عدم وجود كتاب مدرسي تسبب في تدني التحصيل العلمي والمستوى الدراسي لابنها منصور، حيث لم يستطع مذاكرة دروسه وكتابة واجباته، ما دفع الأم بنفسها لاستعارة كتب أحد زملائه في الصف، إلا أن استعارة الكتب بشكل متكرر أمر مُحرج بالنسبة لها، حد تعبيرها.

تضيف لـ”ريمة بوست” أن غياب الكتاب المدرسي فاقم الصعوبات التي تواجهها أثناء متابعة دراسة أولادها، خصوصًا أنها أميّة.. “ابني مستواه ضعيف، ما يعرف يقرأ حتى خطه، وعندما يكتب الأستاذ على السبورة يكون سريعا ومن ثم يقوم بمحو الكتابة بسرعة، أو تنتهي الحصة ويدخل أستاذ آخر فيمسح السبورة وابني بطيء في الكتابة”.

في هذا الشأن تقول سوسن منصور، 27 عامًا، عاما مدرّسة لغة عربية، إن انعدام الكتاب المدرسي مشكلة دائمة ولم يتم حتى الآن إيجاد حلول بديلة من قبل الوزارة أو المدرسة، خصوصًا أن غالبية أولياء أمور الطلاب لا يهتمون بتوفير كتب لأبنائهم بطرق أخرى، لأسباب تتعلق بتدني الحالة المادية، وقلة الوعي لديهم بأهمية وجود كتاب مدرسي للأبناء.

وتوضح أن “انعدام الكتاب المدرسي يحرم الطالب الكثير من الاطلاع على المحتوى المعرفي، ويستهلك وقته وجهده، وفوق ذلك يخرج الطالب بحصيلة علمية متدنية كونه حرم من تلقي الدروس كاملة ومراجعتها في المنزل حين يحتاج ذلك”. مشيرةً إلى أن الحصص الدراسية مختصرة جدًا بسبب ضيق الوقت، الأمر الذي يحول دون إثراء الطالب بالمعلومة الكاملة.

أساس دراسي هش

بالرغم من أهمية الكتاب لكل طلاب المدارس إلا أن طلاب الصفوف الابتدائية الأولى هم الأكثر احتياجًا للكتب، حيث توضح الأستاذة شريهان الضبيبي، 26 عامًا، مدرّسة صفوف أولى، أن الطفل في مراحل دراسته الأولية، يكون بحاجة ضرورية للكتاب، ليرى فيه الصور المرفقة بالمعلومات والكلمات، ما يساعده في تلقي الفكرة والمعلومة التي ترد في الدرس.

وتشير إلى أن الطالب في هذه المرحلة يحتاج إلى تلقي المعلومة في أبسط طريقة من أجل أن تترسخ في عقله ويستطيع إدراكها بسرعة، مؤكدةً – من واقع ما تعايشه – أنها تضطر أحيانًا لتمرير الكتاب التي لديها، إلى كل طلاب الصف الذين تدرسهم وعددهم 45 طالبًا، من أجل أن يفهموا فكرة ما، من خلال الصورة التي في الكتاب.

إلى ذلك، يرى “م.ق” وكيل مدرسة فضّل عدم الكشف عن اسمه، أن العملية التعليمية في ريمة واليمن بشكل عام تمر بأسوأ حالاتها، وأن الطلاب يعانون من انعدام المناهج الدراسية وغياب المدرسين نتيجة انقطاع الرواتب، ما أدى إلى حرمان أجيال كاملة من الحصول على التعليم الذي يلبي احتياجاتهم المعرفية.

ويؤكد، أن طلاب الصفوف الأساسية الأولى هم الأكثر تضررًا، إذ أن انعدام الكتب المدرسية وتردي العملية التعليمية انعكس على محصلتهم الدراسية الأساسية، ما جعلهم يجتازون الفصول الدراسية بقاعدة تعليمية ضعيفة، حيث يصل البعض حتى الصف السادس ابتدائي وهو لا يستطيع القراءة والكتابة بشكل صحيح، وهذا ينذر بمستقبل قاتم لأجيال عديدة للأسف، مالم يتم حل هذه المشاكل التي يعانوها.

مناهج دراسية لم تصل

في السياق ذاته يقول نشوان معوضه، نائب مدير عام مكتب التربية والتعليم بريمة، إن انعدام الكتب من أبرز المشاكل التي يعانيها التعليم خلال الفترة الحالية بريمة، إذ أنه لم يتم حتى الآن توفير احتياجات المحافظة من الكتب الدراسية للعام الدراسي الجديد 2021 – 2022م، وما زال المكتب بانتظار توفيرها من قبل وزارة التربية والتعليم.

ويضيف في تصريحه لـ”ريمة بوست”، أن المحافظة حصلت العام الدراسي الماضي على 10% فقط من احتياجاتها من الكتب الدراسية، مستدركًا في الوقت ذاته، أن وزارة التربية والتعليم قامت فيما بعد – من ذات العام – بتوفير كمية أخرى من الكتب، وقد ساهمت في تغطية العجز الكبير في الكتب في معظم مدارس المحافظة.

ويوضح: “أما بالنسبة لهذا العام الدراسي الجديد لم يصلنا أي كتاب وننتظر توفيرها من قبل الوزارة التي تشكو من عدم توفرها بسبب الأوضاع والظروف التي نعيشها، ونتمنى أن تصل في وقت مبكر لأنه للأسف أحيانًا تتأخر لما يقارب نصف الترم الأول من العام الدراسي، ويفترض أن تصل قبل بدء الدراسة”.

ويلفتُ معوضه، إلى أن من ضمن الحلول التي يعمل بها المكتب والمدارس لمواجهة مشكلة انعدام الكتاب المدرسي في المحافظة؛ عدم تسجيل الطالب بداية العام الجديد إلا بعد تسليمه المنهج الدراسي للعام السابق، من أجل الاستفادة منها لطلاب آخرين، حيث يتم جمعها وأخذ الصالح منها لتغطية احتياجات الطلاب.

مشيرًا إلى أن بالرغم من هذا الحل الجزئي الذي يساهم بشكل محدود في توفير الكتب إلا أن المدارس ما تزال تعاني من نقص كبير في الكتاب الدراسي للصفوف الدراسية الأولى، لأن الطلاب غالبًا ما يقومون بتمزيقها ما يجعل أمر الاستفادة منها مرة أخرى وهي تالفة أمرًا صعبًا على الجميع.

بالمقابل ما تزال المواطنة نادية علي، 37 عامًا، تتساءل ما إذا كانت مشكلة انعدام الكتب الدراسية ستحلُّ أم لا؟ إذ سئمت من حمل همّ توفير منهج دراسي لابنها كل عام، والذي يجعلها غالبًا تضطر حجز كتب أحد الطلاب الذين يسبقونه، قبل عام من بدء الدراسة.

تحرير: ريمة بوست