تحت اضاءة قنديل كهربائي يعمل بالطاقة الشمسية، يجلس العم صالح أحمد، 55 عامًا بمنزلة في قرية الزمح منطقة بني الضبيبي بمديرية الجبين ليقرأ ما تيسر من القرآن، بعد أن كان يلاقي صعوبات انخفاض الضوء وضعف النظر أيضًا، يقول محدثنا تعليقًا على ما وفرته الطاقة البديلة (الشمسية) من مزايا: “الطاقة الشمسية نعمة من الله ورحمة بنا؛ لا عاد كهرباء ولا مواطير، نستخدمها ونستفيد منها في أي وقت وبلاش”.
ويصف العم صالح “ألواح توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية” بـ”الاختراع المدهش” الذي حل مشكلة كبيرة في ظل انعدام المشتقات النفطية بسبب الأوضاع الراهنة… “لو لم تكن موجودة لكانت الأمور أسوأ”.
المواطنون خصوصًا في الريف وجدوا ضالتهم في الحصول على الطاقة الكهربائية من خلال ألواح الطاقة الشمسية التي تعتبر اليوم في ريمة هي المصدر الرئيسي لتوليد الكهرباء، وذلك لتوفرها وسهولة الحصول عليها من قبل الجميع، يضيف العم صالح.
إلى ذلك، لم تحظ محافظة ريمة بخدمات الكهرباء الحكومية حتى منذ ما قبل الحرب، عدا محطة كهربائية وحيدة في عاصمة المحافظة (الجبين)، إلا أن الحرب وتأثيرها على خدمات بشكل عام، كانت هي العامل المشترك في انتشار ألواح الطاقة الشمسية في كل محافظات اليمن.
كما أدى انعدام المشتقات النفطية من الأسواق وعدم وجود كهرباء حكومية إلى اندفاع الناس في ريمة لشراء منظومات الطاقة الشمسية، باعتبارها بديلا مناسبًا للمولدات الكهربائية التي تعمل بمادتي الديزل والبترول.
استخدام أسهل وتكاليف أقل
إذ يقول علي مرسم(45)من الجبين، إن منظومات الطاقة الشمسية لاقت إقبالا كبيراً من قبل المواطنين في ريمة، مُرجعًا ذلك إلى أن “المواطنين بريمة أكثر من يستخدمونها لأن ريمة محافظة ناشئة لم تصل أغلبية مناطقها خدمة الكهرباء وقد تزايد هذا الإقبال في الست سنوات الأخيرة بشكل ملحوظ”.
ويضيف، أن المميزات التي وفرتها منظومات الطاقة الشمسية، ساهمت بشكل كبير في خدمة المجتمع، موضحًا، أن “ألواح الطاقة الشمسية تعتلي وتتربع على أسطح المنازل، ولا يكاد يخلو منزل من استخدامها في معظم القرى والمناطق المترامية الأطراف على قمم جبال ريمة”.
ويشير مرسم، إلى أن تزايد اهتمام الناس بمنظومات الطاقة الشمسية، يعود إلى وجود الكثير من الأجهزة والالكترونيات التي تعمل بالطاقة الشمسية وسهولة شرائها بأسعار مناسبة إلى حد ما، مقارنة بتلك الأجهزة والمعدات القديمة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، والتي أصبحت – حد قوله – مكدسة في المخازن لندرة استخدامها.
تتشارك(ف.ق) 45 عامًا من قرية الغربي، مع علي، الارتياح الكبير للخدمات التي وفرتها منظومات الطاقة الشمسية، إذ تقول: “اليوم الحمد لله، الكهرباء من الطاقة الشمسية متوفرة، واقدرنا نشحن التلفونات ونتفرج التلفزيون براحتنا بأي وقت، كما احنا ما قد عرفنا الكهرباء وربي عوضنا “.
وتضيف في حديثها لـ”ريمة بوست”، أنهم كانوا قبل عام 2016م، يحصلون على الطاقة الكهربائية من خلال استخدام المولدات الكهربائية، وكانت تكلّفهم الكثير من المال لشراء مادة الديزل، إضافة إلى صعوبة تشغيلها يدويًا والإزعاج والتلوث الصادر منها.
وبالرغم من كل ذلك، تشير(ف.ق)، إلى أنهم كانوا في الغالب يستخدمون وسائل الإنارة التقليدية (فوانيس – اتريك)، ولا يستخدمون تلك المولدات سوى لساعات قصيرة في المساء من أجل مشاهدة التلفاز وشحن الهواتف المحمولة، في حين تحتاج إلى تكاليف باهظة وجهد كبير، مقارنة برخص وسهولة ما توفره منظومة الطاقة الشمسية حاليًا من كهرباء على مدى 24 ساعة.
حل جزئي تحجبه الغيوم
الكهرباء التي توفرها منظومات الطاقة الشمسية والتي تغطي احتياجات المواطنين، ليست سوى حلاً جزيئًا لمشكلة انعدام الكهرباء، لأنها لا تستطيع تشغيل كل الأجهزة التي تحتاج إلى تيار كهربائي أكبر مما تولده الألواح الشمسية وتخزنه في البطارية، يقول المواطن محمد علي، 50 عامًا من مديرية الجبين.
ويُرجع ذلك، إلى أن التيار الذي يخزّن في البطارية هو تيار متردد، وتشغيل بعض الأجهزة يحتاج إلى استخدام جهاز خاص بتحويل التيار المتردد إلى تيار مستمر، وهذه العملية تستنزف طاقة البطارية بسرعة، في حين أنها لا تُشحن بشكل جيد.
ويوضح، أن غالبية المناطق في محافظة ريمة، مناطق جبلية، إذ يغطي الضباب والغيوم الأجواء في معظم الأوقات، ما يحجب الشمس عن الوصول إلى خلايا ألواح الطاقة الشمسية، ويؤثر في تعبئة البطاريات، الأمر الذي يؤدي إلى تلفها أو ضعف أدائها.
البطاريات.. مشاكل وحلول
إلى ذلك، يشكو المواطن قاسم محمد (37) عامًا. من بني الضبيبي أن قصر عمر البطارية يشكل له عبئا ثقيلا، حيث اشترى قبل أقل من عام بطارية ولكن سرعان ما تراجع أداؤها وأصبحت شبه تالفة، مشيرًا، أنه ربما تعرض للغش خصوصًا أن الناس ليس لديهم الخبرة بنوعية البطاريات ذات الجودة العالية والأنواع الرديئة وأن الحصول على النوعية الأفضل تعد مسألة حظ، حد تعبيره.
في السياق ذاته، يتطرق المهندس مهند يحيى (34)عاماً، إلى بعض الحلول التي يمكن أن تساعد في إطالة عمر البطارية وتحافظ على أدائها لوقت أطول: “لا يفضل تفريغ البطارية أكثر من 50% من سعتها، لأنه كلما زاد التفريغ يحدث تآكل في صفائح البطارية، وبذلك يكون عمرها أقل”.
ويضيف لـ”ريمة بوست”: أن “بالنسبة للبطاريات المغمورة (السائل)، يجب دوريا التأكد من منسوب السائل داخل البطارية واضافة (ماء مقطر فقط) للوصول إلى المنسوب الموصى به للبطارية، إضافة إلى التأكد من فولتية الشحن(Boost and Float) الموصى بها للبطارية، وضبطها من منظم الشحن”.
ويشير إلى أنه من الضروري الفحص البصري الدوري للبطارية وملاحظة أي تغيرات غير طبيعية على غلاف البطارية وازالة التأكسد من على أقطاب البطارية وعمل طبقة فازلين لمنع التأكسد على الأقطاب، إضافة إلى استخدام منظم شحن ذي جودة عالية ومزود بحساس خارجي للحرارة.