زين العابدين الضبيبي شاعرٌ “يشع حيوية وحداثة

من صفحة الشاعر على فيس بوك.
‏  10 دقائق للقراءة        1937    كلمة
بدأ الشاعر الشاب زين العابدين الضبيبي حياته بممارسة الكتابة الأدبية وألف ديوانه الشعري الأول بعد حصوله على الثانوية العامة والذي صدر عام 2013 بعنوان “قطرة في مخيلة البحر”، وهو الديوان الشعري البديع الذي اُعجب به الكثير من النقّاد والشعراء، وحاز به على جائزة رئيس الجمهورية للمبدعين في نفس العام الذي صدر فيه، وبعدها بعامين فاز بجائزة شاعر اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح 2015م.

 

كتب مقدمة ديوانه الأول الدكتور عبدالعزيز المقالح، وأثنى على موهبته ووصفه بالشاعر المتميز والمدهش: “زين العابدين الضبيبي الشاعر المتميز والمدهش، شاعرٌ موهوب بكل ما لكلمة موهوب من دلالات، تجمع بين الإبداع والابتكار، بدأ بكتابة الشعر وهو طالب، وقد فوجئت به منذ سنوات في أحد المهرجانات الذي كان لا يكاد عنقهُ يرتقي إلى فم الميكروفون وهو يقرأ شعراً بديعاً موزوناً مُحكماً ومفعماً بالأخيلة، صورهُ ومفرداته لا تمت إلى قاموسِ التقليديين بصلة، ومنذ ذلك الحين وأنا أتابع ارتحالاته الصاعدة نحو عالم الشعر كما ينبغي أن يكون في سرعة الضوء، كأنه يمتطي مركبةً صاروخية تقوده نحو الهدف الذي يتمثل بشعرٍ يشع حيوية وأصالةً وحداثة”.

في إحدى قرى محافظة ريمة وتحديداً في قرية الأكمة عزلة بني الضبيبي ولد زين العابدين في 22 يوليو 1989م، لأسرة متواضعة بسيطة الحال فوالده كان وما زال يعمل بائعاً بسيطاً يفترش الأرض ليبيع بضاعتهِ على أحد أرصفة مدينة صنعاء. منذ أن انتقل للعيش فيها عام 1998م.

غلاف ديوان الشاعر زين العابدين الضبيبي:قطرة في مخيلة البحر تصميم محمد ابراهيم الغرباني

كان زين العابدين محبًا للقراءة والاطلاع إذ يحدثنا عن نفسه قائلاً: “كنت ووالدي نفترش الأرض أمام مستشفى السبعين وأبيع لعب الأطفال التي لا أعرف كيف يلعبون بها حتى، ذلك لأنني ابيع وأدرس ولا أعرف ما معنى اللعب، حيث كانت لعبتي المفضلة التهام الصحف التي أحصل عليها من غرفة حراسة المستشفى الذي نتناوب على افتراش بوابته أنا ووالدي وأخوتي”.

خلال دراسته الابتدائية لفت نظر مدرسيه، بفصاحتهِ وكتابته للشعر وهو طالبٌ في الصف الخامس، وبشجاعته في أداء القصائد بأسلوب بسيط وجميل، استطاع أن يلفت انتباه الشاعر الدكتور عبد العزيز المقالح في إحدى الفعاليات الشعرية، ليستدعيه بعدها إلى منزله ويهديه ساعة يده، ويمنحه مجموعةٌ من كتب الشعر بعضها ألفها هو والبعض الآخر لشعراء آخرين، وكان يستدعيه للحضور إلى مجلسه العامر بالثقافة والذي يمتلئ بشخصيات أدبية وثقافية لها ثقلها على الساحة اليمنية والعربية. وعن تجربته مع الدكتور المقالح يقول زين العابدين في حديثه لـ”ريمة بوست”،:”كان الدكتور المقالح يستدعيني الى مجلسهِ الأسبوعي الذي كان مهبطاً لكبار أعلام الثقافة العربية واليمنية ويقدمني لهم بما يفوق حجمي وموهبتي ليس حينها فقط بل حتى اليوم، فدعمه المعنوي هو ما أوصلني لما أنا عليه الآن، لقد كان أبي أكثر من أبي وهو يسأل عني حين أغيب، ويسندني إن سقطت ويشاركني فرحتي وحزني، ويطبب نزفي أن جرحتني الحياة التي لم تكن كريمةً معي يوماً إلا بمعرفتي وقربي منه، فكل ما اتمناه أن أكون له الإبن البار والتلميذ النجيب الذي لا يُخيّب رهان معلمه.وفي عام 2015 حصل على شهادة البكالوريوس من كلية الآداب جامعة صنعاء، وبسبب الحرب توقف ولم يستطع مواصلة دراساته العليا.

اشتهرت بعض قصائد زين العابدين بالتوقعات والتنبؤ بأحداث المستقبل وهي صفة نادرة تميّز بها الشاعر الكبير عبدالله البردوني، وهو ما جعل بعض القرّاء والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي يتداولونها وينسبونها للشاعر البردوني. غير أن البعض الآخر يزعمون أنه يميل عن قصدٍ لـ تقليد البردوني. ومن أبرز تلك القصائد، قصيدته التي نشرها في 2013م بعنوان “هذا ما قاله لي البردوني في الحلم” واستشرف فيها أحداث اليمن قبل عامين من وقوعها .

 

          إﺫﺍ ﺍﺭﺗﺪﺕ ﺻﻌﺪﺓٌ ﻋﻤﺮﺍﻥ ﻣﻤﺴﻴﺔ..ﻏﺪﺍً ﺳﺘﺪﺧﻞ ﺻﻨﻌﺎ ﻣﻄﻠﻊ ﺍﻟﻔﺠﺮِ             
         ﻭﺳﻮﻑ ﺗﺨﺮﺝ ﻣﻦ ﺳﻨﺤﺎﻥ ﺯﻭﺑﻌﺔٌ..ﻫﻮﺟﺎﺀ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﺑﻬﺎ ﻳﺪﺭﻱ
          ﻭﻣﻦ ﺳﻴﻠﻘﻲ ﺧﻄﺎﺑﺎً؟ ﻗﻴﻞ ﺃﺻﻐﺮﻫﻢ..ﻣﻦ ﻗﺎﻓﻪ ﻗﺎﺑﻞٌ ﻟﻠﺮﻓﻊ ﻭﺍﻟﻜﺴﺮِ
          ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻧﺨﻠﺔ ﻫﺬﺍ ﺛﻢ ﻭﺷﻮﺷﻨﻲ..ﻣﺘﻰ ﺳﻴﺤﻜﻢ ﻫﺎﺩﻳﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﺮِ؟
          ﻳﻘﺎﻝ ﺟﺎﺀ ﻭﻓﻲ ﻛﻔﻴﻪ ﻣﻌﺠﺰﺓٌ..ﺳﺘﺴﻤﻌﻮﻥ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻟﻴﻠﺔ ﺍﻟﻘﺪﺭِ
          ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﺻﻨﻌﺎﺀ ﺃﺳﻔﻠﻬﺎ..ﻭﻳﺴﺤﺐ من ﺍﻟﻤﻸ ﺍﻷﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮِ
          ﺛﻢ ﺍﺣﺘﻤﺎﻝ ﺑﺄﻥ ﺗﺼﻔﻮ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﻪ..ﺇﺫﺍ ﺗﻮﺿﺄ ﻓﻲ ﻧﻬﺮﻳﻦ ﻣﻦ ﺟﻤﺮِ
         ﻭﺻﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻧﺘﻢ ﺧﺎﻓﻘﻲ ﻭﻳﺪﻱ..ﻭﺍﻟﻤﺠﺪ ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻻ ﻟﻠﺒﻴﺾ ﻭﺍﻟﺤﻤﺮ

 

وعن ذلك يرد الضبيبي على من يقول إنه يقوم بتقليد البردوني بشعره، والذين خُدعوا وتداولوا قصيدته على أنها للبردوني: “إنهم محقون فأنا أستطيع أن أتقمص أسلوب البردوني ويأتي غيري ليخدعهم بقصيدة من قصائدي يقوم بنسخها من صفحتي ويشطب اسمي وينسبها للبردوني فيصدقوه لأنهم لم يقرأوا أشعار البردوني وهذا هو الخلل. إذا أردت أنا وغيري نستطيع أن نقلّد البردوني الآن متعمّدين ذلك كما قلدناه غير متعمّدين في بداية مشوارنا.

وقد نكتب ما يشير إلينا دون تأثر أو تقليد قصيدة سياسية فيقوم طرف باستغلالها ونسبتها للبردوني والترويج لها كما حدث لقصيدتين من قصائدي وقد كتبت عشرات القصائد أفضل منها لم تنل حظها من الشهرة لأنها لم تنسب للبردوني ولا أنكر التأثر النسبي في القصيدتين بقدر ما أنكر على من يُصدق نسبتهما للبردوني في ظل سهولة البحث والتحقق ولأنهما تتحدثان عن الوقع المعاش. ومرد ذلك لكوننا مجتمع متدين بالنقل وقارئ بالنقل ويتزوج بالنقل لصفات العروس عن أمه ولهذا يسهل خداعه. فلم نحسن قراءة منجزنا الثقافي القديم برموزه على الأقل ولا الجديد منه.”

 

أقتباس للشاعر/وحدة الجرافكس ©

تنقّل الضبيبي في العديد من الدول العربية وشارك في الكثير من المهرجانات الأدبية الدولية الذي كان أخرها، مهرجان قرطاج الشعري الذي اُقيم في تونس عام 2019م والذي حاز فيه على درع مهرجان قرطاج الشعري، وقبلها بستة أعوام حصل على درع مهرجان الشعر العربي الثاني الذي اُقيم في منطقة الباحة بالمملكة العربية السعودية عام 2013م. وفي مقابلة له مع موقع “الترا صوت”، يُجيب الضبيبي عن السؤال الذي يتحرج ويتهرب من إجابته الكثير من الشعراء..ماذا إذا كان قد كتب الشعر من أجل مقابل مادي، وإن كان يخجل من ذلك؟ 

“قد يتحرج البعض من الإجابة على هذا السؤال، لكنني أقول وبكل صراحة في زمن كهذا على الشاعر أن ينزل من برجه العاجي، وأن يعيش ويوفر العيش الكريم لأطفاله بالشعر أو بسواه، نحن في عاصمة وزير ثقافتها ضابط عسكري لا علاقة له بالثقافة ولا بالشعر، فقد جعل من الوزارة شركة خاصة له ولآله الأقربون والأبعدون، وجعل صحفها مغلقة أو مؤدلجة تأخذ منك ولا تعطيك، وباعتقادي أن الشعر رسالة وموهبة ومهنة إذا لزم الأمر وانعدمت عن الشاعر الوسيلة، ولا يعيب الشاعر إلا أن يظل عالة على المجتمع، وعاجزًا عن توفير الحياة الكريمة، ولنا في جدنا المتنبي أسوة حسنة فهو أعظم شعراء الأمة”.

وقد عمل الضبيبي محرراً ثقافياً في صحيفة الحرة منذ انطلاقها حتى توقفها، ومعداً ومقدماً لبرنامج أبجدية الروح اليومي في إذاعة صوت اليمن، ونائباً للسكرتير الصحفي بديوان عام وزارة الثقافة. ويعمل حالياً مديراً لمكتب الدكتور عبد العزيز المقالح.

في عام 2018م صدر للضبيبي ديوان شعري حمل عنوان ”توقٌ إلى شجر البعيد” وحاز به على جائزة المقالح للإبداع الأدبي بنفس العام، وله حالياً ديوان جديد يعكف على مراجعته قبل الطبع، حد قوله، وقد غنّى أشعاره وقصائده الكثير من الفنانين اليمنيين منهم: محمد الوديع ونجيب سعيد ثابت و شرف القاعدي والفنان حسين محب. وللشاعر الضبيبي فلسفته الخاصة فيما يتركه الشعر من أثر على نفسه، وعما يريد أن يحققه مستقبلًا، إذ يُردف: “هناك أثرٌ إبداعي لأي شاعر أو نص حقيقي يبقى في الروح، ومن كل ذلك أتكوّن ولا أقف على عتبةٍ واحدة أو صورة واحدة ما استطعت، لكنني أحلم أن أكون أنا في كل العتبات والصور”.

ويختم الضبيبي حديثه لـ”ريمة بوست”، بنصيحة كان قد وجهها له  الدكتور المقالح ذات يوم، يذكّره فيها بالمصاعب التي قد تواجهه في مسيرته: “عليك يا زين أن تدرك أن طريق المبدعين الحقيقيين لم تكن دائماً مفروشةٌ بالورود بل بالأشواك والمسامير، وكما تفوقت بالشعر، عليك أن تتفوق بالمجال العلمي، وان تجتاز الطريق الراهن بقدرٍعالٍ من الطموح والثقة بالنفس”.