خيمة مهترئة وعيشة موجوعة.. قصة أحياء جاوروا الموتى بريمة!

‏  4 دقائق للقراءة        705    كلمة

أم مصطفى امرأة ثلاثينية من قرية الغربي بـ مديرية الجبين ريمة اعتادت عيش حياة المدينة بخدماتها وتفاصيلها المنعشة لكن الحرب في الحديدة أجبرتها على استبدال المدينة الكبيرة بقرية صغيرة في ريمة وأصبح منزلها الواسع خيمة ضيقة وحياة بدائية أكبر همها جلب الماء وإحضار الحطب لطهي الطعام الذي تحصل عليه من المنظمات الإغاثية.

“الحمدلله على كل حال”

تعول الأم ذات الـ 37 عاماً أربعة أطفال وزوج مريض ومُسن وهي نازحة من مدينة الحديدة تعيش في خيمة مهترئة وتقاسي الأمرين بين العيش في خيمة مهترئة لا تنجيها من البرد القارص أو توفير متطلبات الحياة بمنطقة الغربي، ترد على استقبالنا أثناء إجرائنا الحوار معها بابتسامة لم يحجبها اللثام الذي ترتديه وبيدين كادحتين رحبت بنا لندخل معها.

بدأت تروي لنا بخجل قائلة: لو كان عندي بيتٌ أستضيفكِ فيه بدلا من خيمة لكن الحمد لله على كل حال.. عاشت الأم في الحديدة في منطقة قريبة من المطار وكانت مستورة الحال هي وعائلتها حتى بدأت الحرب وكان حينها القصف بعيداً عن المطار لا يسمعون سوى دوي الانفجارات إلى أن جاء اليوم الذي أستهدف فيه المطار بأكثر من غارة وقررت الأسرة النزوح الى مسقط رأسها في ريمة.

نزوح وأمطار وبيت منهار

في منزل صغير له باب أصغر وسقوف منخفضة ونوافذ ضيقة وإضاءة خافتة وجدران ترابية لا توزع الضوء ولا تعكسه ما تبقى منها أطلال توشك أن تقع على رؤوس ساكنيها وعلى مضض تقول الأم: أنَّها تقبلت السكن في هذا البيت وقامت بترميمه هي وأطفالها “الأربعة الذي يبلغ عمر أكبرهم 11عاما وأصغرهم 4 سنوات بعضهم يجلب الماء والبعض الآخر يجلب الأحجار الصغيرة والتراب لسد الشقوق والفراغات في الجدران والأرضية.

أما الزوج فهو رجل مُسن وحالته الصحية متردية فقد كان يقضي وقته في البقاء معهم أو الذهاب إلى السوق تقول: “تعايشت مع الوضع رغم صعوبته لكن الأخشاب المسقوف بها البيت بدأت بالتفتت وبدأ الضوء يتسلل من شقوق الجدران وعند هطول المطر كانت تخرج هي وأطفالها من البيت خوفاً من سقوط السقف عليهم وإذا أمطرت ليلاً لم يكن لهم مأوى فيه سوى زاوية في غرفة تحتويهم غير مانعة عنهم قطرات المطر التي تدخل من الشقوق الموجودة في الاعلى”.

عاشت الأسرة مساء تعيساً ليلة الإثنين 16 إبريل من العام المنصرم حيث شهدت القرية أمطار غزيرة كانت تهطل على مسكنهم المتهالك تقول أم مصطفى: كنت أسمع قرقعة الخشب (طرق خفيف للخشب) في السقف المجاور لغرفتنا وما هي إلا لحظات حتى انهار أحد جدران البيت وانهارت معه الأسقف.

تضيف: كُنا نصرخ أنا وأطفالي خائفين هلعين عند سماعنا صوت خراب المنزل حتى جاء الناس على وقعه وأخرجونا منه بصعوبة وبتنا ليلتنا في منزل أهلي بقينا عندهم فترة إلى أن حصلت على خيمة وانتقلت للعيش فيها كان كل شيء صعب للغاية أن تكون الخيمة غرفة نوم واستقبال وحمام بنفس الوقت.

طفل مريض وجيران موتى!

بداخل خيمة بلاستيكية خفيفة أرضها ترابية بجوار مقبرة للموتى في قرية الغربي أكملت أم مصطفى رحلة نزوحها برفقة أولادها وزوجها في هذا المكان بسبب عدم وجود مكان آخر يأويهم، فالخيمة التي نُصبت على قارعة الطريق لا يحظون فيها بأية خصوصية فقد أصبحت مهترئة لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء حتى أصبح ربيع منصور الذي يبلغ من العمر 4 سنوات يعاني من التهابات رئوية حادة لم تستطع الأسرة توفير العلاج له بسبب عوزهم المالي.

لم يكن هو الوحيد الذي أصيب بالمرض نتيجة المكان الذي يسكنون فيه لكن وضع “ربيع” الصحي هو الأقسى بين أشقائه الأربعة الذين أصيبوا بالتهاب اللوزتين تتحسر الأم وتهز رأسها قائلةً:” نشتي يا أختي مكان دافئ لي ولأطفالي ونشتي نرقد بدون سماع صياح الكلاب المزعج والمخيف” وتقول: إنَّ الرياح تكاد في كلِّ مرة أن تقتلع الخيمة خصوصاً إذا كانت مصحوبة بأمطار.

وتختتم حديثها بمناشدة إلى المنظمات الإنسانية وجمعية الهلال الأحمر في ريمة بتقديم الدعم والإغاثة لهم وتوفير خيمة او مكان نزوح آمن لها ولنظيراتها من النساء النازحات برفقة أسرهنَّ.. وتعد ريمة منطقة جبلية وغالباً ما تشهد رياح شديدة السرعة نظراً لموقعها الجبلي واستقبلت نازحين من أبنائها كانوا يقيمون في محافظات أُخرى.

تحرير: ريمة بوست