في خريف العام 2020م حالت تحديات جائحة كورونا “كوفيد-19” دون انعقاد المنتدى الدولي الثاني للصحافة في تونس، غير أن تلك التحديات وما أفرزته خلال العامين الأخيرين من تحولات متفاوتة التأثير؛ خلق العديد من الصعوبات والتحديات الأخرى في عالم الصحافة، ما جعل انعقاده خلال 17– 19 مارس من هذا العام 2022م، نافذةً معرفية أكثر اتساعًا؛ بل ونضوجًا، أتاحت للصحفيين الغوص والتعرف على واقع وتحديات الصحافة والإعلام في العالم.
وشملت أنشطة وفعاليات المنتدى الدولي الثاني للصحافة الذي أٌقيم في “مدينة الثقافة” في العاصمة التونسية على مدى ثلاثة أيام، تحت شعار “الحاجة الماسة للصحافة”؛ أكثر من 150 نشاطًا بين جلسات حوارية وورش عمل حول الحاجة إلى صحافة الجودة في مواجهة تحديات جائحة “كوفيد-19” والاحتباس الحراري وصحافة الحلول ومكافحة الصور النمطية والعنف ضد النساء وغيرها من المواضيع التي تزايدت حاجة الصحافة إليها مؤخرًا.
“ريمة بوست” في تونس
ضمن 700 صحفي وصحفية من 30 دولة، شارك فريق منصة “ريمة بوست” في فعاليات المنتدى الدولي الثاني للصحافة، واطّلع على تجارب صحفية مختلفة في عناوينها وأنواعها ونطاقات عملها لكن يجمعها ذات الاهتمام المشترك المعني بقضايا المجتمع وحرية الصحافة في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم في مختلف المجالات.
بدت تجربة الصحافة اليمنية خصوصًا الإعلام المجتمعي حاضرةً من خلال منصة النقاش في جلسة (نظرة عن كثب حول أوضاع الصحافة والإعلام في اليمن)، التي أدارتها مسؤولة برامج اليمن في منظمة انتر نيوز سوسن بن الشيخ وتحدث فيها الصحفي والباحث في مجال الإعلام والاتصال بشير الضرعي والصحفيتين المستقلتين أحلام المخلافي وسحر محمد.
وحضر المنتدى مجموعة من الصحفيين اليمنيين من وسائل الإعلام المستقلة، كانت “ريمة بوست” واحدة من هذه الوسائل، مثّلها عدد من فريق هيئة التحرير برئاسة الزميل كمال الشاوش، رئيس التحرير، والذي أعرب بدوره عن أهمية هذا الحدث لوسائل الإعلام المجتمعية التي تبرز قيمة عملها في نقل قصص المجتمع وقضاياه وأخباره سيما في وقت النزاع وحاجة الناس للنقاش المستقل والحر حول قضايا التنمية وحقوق الإنسان.
وخلال الجلسات المعنية باليمن، استعرض الشاوش في مداخلته، الصعوبات والتحديات التي تواجه الإعلام المجتمعي في اليمن في ظل الحرب رغم الأهمية التي يلعبها هذا النوع من الإعلام في إيصال أصوات المجتمع، مشيرًا إلى العديد من الحلول التي من شأنها تعزيز ديمومة الإعلام المجتمعي.
وكما كان الصوت اليمني حاضرًا، كانت الصورة أيضًا جزءًا من ذلك المنتدى الدولي الذي نظمته النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، حيث أقيم معرضًا بعنوان “اليمن.. الحياة رغم الصعاب” – إلى جانب معرضين أخريين فرنسي وتونسي – ضم مجموعة من الصور التي تبرز اليمن الأرض والإنسان، من بينها صورة للطبيعة الخلابة بمحافظة ريمة، إضافة إلى صور أخرى لعدد من المصورين اليمنيين.
محطات وتجارب معرفية
في إطار تبادل النقاشات والتجارب الصحفية قام فريق “ريمة بوست” بتعريف عدد من المؤسسات الصحفية العربية والعالمية بالتجربة التي تخوضها منصة “ريمة بوست” في الصحافة المجتمعية، وعرض ما مرّت به هذه التجربة الصحفية الأولى في محافظة ريمة، بدءًا من تحولها من صفحة على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” إلى منصة الكترونية رقمية، ثم إنتاجها أكثر من 400 مادة صحفية، مكتوبة ومرئية، خبرية ومتأنية، خلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز عامين وبضعة أشهر.
الزيارات الميدانية للتعرّف على نماذج إعلامية ناجحة كانت جزءًا من التجارب التي خاضها فريق “ريمة بوست” على هامش حضور المنتدى، حيث زار مؤسستين إذاعتين تونسيتين، إذاعة موزاييك، الإذاعة الأكثر انتشارًا في تونس، والإذاعة التونسية الأولى، إذاعة رسمية، وتمخض عن الزيارتين، اكتساب معارف جديدة حول الإعلام الإذاعي، والاطلاع على تجاربها في انشاء محتوى إذاعي رقمي يلبي طموحات المتابعين على الشبكة العنكبوتية.
وخلال أنشطة المنتدى، استضافت الإذاعة المغاربية الأولى فريق “ريمة بوست” المشارك في المنتدى، للحديث حول أوضاع الإذاعات المجتمعية في اليمن ودورها في إيصال رسالة المجتمعات ورفع أصواتهم، إضافة إلى الحديث حول أوضاع الصحافة والإعلام بشكل عام والتحديات التي يواجهها الصحفي اليمني في ظل الحرب ولا سيما الصعوبات التي تعاني منها الصحفيات.
وقد مثّل حضور المنتدى الدولي الثاني للصحافة، فرصة قيّمة للصحفيين والمؤسسات الصحفية المجتمعية، من خلال اكتسابهم معارف جديدة والحصول على عصارة خبرات صحفية عملاقة ومهارات جديدة حول الصحافة الرقمية والتطور الذي تشهده بشكل متسارع، ما ينعكس على أداء الصحفيين ويعزز دورهم الحالي والمستقبلي في عالم الصحافة المليء بالتحديات المتنوعة.