شهد المركز الثقافي اليمني بالقاهرة، اليوم الأربعاء 29 أكتوبر 2025، حفل مناقشة وتوقيع كتاب “الجيوبوليتكا المندبية” للدكتور علي البكالي، بحضور نخبة من المثقفين والأكاديميين.
افتتح الجلسة الأستاذ منير طلال، مدير الحفل، بكلمة ترحيبية أكد فيها أن إصدار الدكتور البكالي يشكل إضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال الفكر الجيوبوليتيكي، مشدداً على أن الكتاب يتجاوز الطرح الأكاديمي المألوف ليقدم رؤية فلسفية متكاملة تربط الفكر بالجغرافيا والتاريخ والهوية والمصير المشترك، ويسعى لتحليل العلاقة بين الجغرافيا والسياسة كمنطلق لإعادة تشكيل الوعي الوطني والعالمي.
من جانبه، استعرض الدكتور علي البكالي الفكرة المحورية لكتابه، موضحاً أن “الجيوبوليتك المندبية” يمثل إطاراً جديداً لفهم قوانين الحضارة ودورة الزمن والموقع الجغرافي في صناعة القوة. وأشار إلى أن الكتاب يتألف من سبعة فصول تتناول المفهوم وأُسسه ومبادئه، وتحلل قيم الحضارات الكبرى في الاستقلال والسيطرة والاستحواذ كوسائل للوصول إلى المنافسة الحضارية. وأكد البكالي أن التحولات الكبرى التي يشهدها العالم مع بداية شيخوخة الإمبراطورية الأمريكية وصعود الصين، تؤكد خضوع الحضارة الإنسانية لدورة زمنية كونية ترتبط بالموقع الجغرافي والموارد والإرادة السياسية، معتبراً أن باب المندب ومضيق جبل طارق يمثلان أحد أضلاع السيادة الحضارية في الجغرافيا العالمية، لكونهما محورين لطرق التجارة والطاقة والسيطرة البحرية.
وفي تحليله للعلاقة بين الجغرافيا والسياسة، أوضح البكالي أن الجيوبوليتك المندبية يعيد تعريف هذه العلاقة، بحيث تصبح الجغرافيا ليست مجرد مكان، بل أداة لقوة الدولة وركيزة لتوازن الحضارات، وأن فهم الجغرافيا البحرية يعادل في أهميته التفوق البري والجوي. كما قدم تحليلاً يضع الجزيرة العربية في قلب الجيوبوليتك المندبية، مؤكداً أن العلاقة بين اليمن والسعودية تمثل وجوداً تكاملياً للجزيرة العربية، داعياً إلى تشكيل اتحاد تنسيقي إقليمي بينهما لإنهاء الانقلاب في اليمن ومعالجة أزماته وتعزيز الأمن الإقليمي المشترك.
شمل الحفل مداخلتين نقديتين للكتاب، حيث أكد الدكتور محمد الحميري أن الكتاب يمثل “منجزاً فكرياً عميقاً” لباحث سياسي متمرس، نجح في تقديم رؤية تحليلية جديدة للمفاهيم الجيوبوليتكية بفلسفة خاصة تستند إلى ثقافة موسوعية، مشيراً إلى أن الإصدار يعيد قراءة الواقع المعاصر لبناء تصور مستقبلي أكثر وضوحاً، ويبرز الأهمية الاستراتيجية لموقع اليمن في الإقليم والعالم كنقطة تماس لمصالح القوى الكبرى. وتناول الحميري التحولات في موازين القوى الدولية، لافتاً إلى أن منطقة باب المندب أصبحت جزءاً من صراع جيوسياسي محتدم تشهد تطويقاً عسكرياً، مما يعكس أهمية الموقع اليمني في استقرار التجارة الدولية وأمن الطاقة العالمي.
من جهته، أوضح الدكتور محمود منصور الدبيلي أن إصدار الدكتور البكالي يمثل “تحولًا نوعيًا” في مقاربة الفكر السياسي العربي، بوصفه محاولة فكرية رصينة لإعادة تفسير منطلقات الوعي السياسي العالمي من زاوية الجنوب، وسعياً لإرساء توازن معرفي يعيد للعقل العربي مكانته كمنتج للمعرفة.
وأشار إلى أن الإصدار يقدّم أول نظرية جيوبوليتية عربية النشأة، تنطلق من رؤية حضارية إنسانية تسعى لتحرير الفكر من هيمنة المركز الغربي، مؤكداً أن هذا المشروع الفكري يربط بين البعد المكاني في التحليل السياسي والبعد الأخلاقي في الوعي الإنساني، ويسعى لتأسيس لفكر جيوبوليتيكي ينطلق من الجنوب وليس عن الجنوب، معيداً الاعتبار للجنوب بوصفه فاعلاً حضارياً عالمياً متعدد المراكز.






















