الرييم.. عزلة في ريمة تحتفظ بتاريخ “الصرادف” وتنوع السلالات

‏  5 دقائق للقراءة        850    كلمة

تختزن عزلة “الرييم”، التابعة لمديرية مزهر بمحافظة ريمة، أكثر من مجرد جغرافيا ريفية؛ فهي تقف كشاهد أثري على تاريخ يمتد إلى حقبة قديمة، حيث يكشف اسمها عن دلالات مرتبطة بـ”الريام”. هذه المنطقة، التي تقع في جنوب المديرية، تعد نموذجاً لتراكم طبقات التاريخ والسلالات المتعايشة.

الموقع والامتداد الجغرافي

تقع عزلة الرييم جنوب مديرية مزهر، وتفصلها حدود طبيعية وإدارية واضحة. يحدها شرقاً عزلة الإبارة، بينما يمتد من الجنوب والجنوب الشرقي وادي رماع ومديرية عتمة في ذمار. أما من الغرب، فيحدها وادي مزهر وعزلة بني يعفر، وتتصل شمالاً بعزلة الجباهي التابعة لمديرية السلفية.

 

تعتبر “الرييم” رابع أكبر عزلة في المديرية من حيث المساحة، حيث تبلغ حوالي (35) كم²، وهو ما يمثل 13.5% من إجمالي مساحة مديرية مزهر البالغة (260) كم².

 

الكثافة السكانية والتقسيم الإداري

وفقاً لتعداد عام 2004م، يبلغ عدد سكان العزلة (6798) نسمة، يتوزعون على (972) أسرة تقطن في (956) مسكناً. يتشكل التوزيع السكاني داخل الرييم من (10) قرى رئيسية تحتضن (144) محلاً منتشراً.

وتتوزع هذه المحلات على القرى الرئيسية كالتالي:

* وادي الرييم (8 محلات).
* المسوعة (16 محلاً).
* جبل الرييم (14 محلاً).
* الهجرة (23 محلاً).
* المحروم (21 محلاً).
* المغارب (16 محلاً).
* العر (14 محلاً).
* مزهر (14 محلاً).
* الغربي (10 محلات).
* لكمة (8 محلات).

الرييم ومفتاح تاريخ “الصرادف”

تتجاوز أهمية “الرييم” الحاضر لتلامس صفحات التاريخ القديم. فبينما يشير الهمداني في “صفة جزيرة العرب” إلى أن مخلاف جبلان ريمة كانت تسكنه بطون من “حمير” من نسل “جبلان والصرادف”، تبرز اليوم أدلة مادية داخل العزلة تؤكد هذه الرواية.

يكشف المعجم الجغرافي للعزلة عن وجود اسم “الصرادفة” كأحد محلاتها، وهو ما يطابق النسبة إلى “الصرادف” التي حدد الهمداني موقعها في ريمة. وتاريخياً، تعود “الصرادف” إلى صردف بن حطبان بن بلد بن الفياض بن زرعه بن سبأ الأصغر. وقد كان لهذه البطون حضور بارز في الفتوحات الإسلامية تحت راية ذي الكلاع الحميري، وزعامة زيد بن شهال من وحاظة في عهدي أبي بكر وعمر بن الخطاب.

فسيفساء السلالات المتعايشة

تعد عزلة الرييم بوتقة لانصهار وتآلف عدد من الأسر والسلالات ذات الأصول المتنوعة التي استقرت وتعايشت فيها:

* بني السلطان: ومنهم الشيخ شايع محمد عز الدين، شيخ مشايخ ريمة، ويسكنون قرية المحروم، وأصلهم من بني الواحدي.

* بيت الدروبي: أصلهم من يامن، ويقيمون في قرية “الهجرة” التي سميت بهذا الاسم نسبةً لصاحبها، ولا تزال القبة قائمة فيها.

* بيت الزبير: يسكنون قرية المسوعة، ويقال إن أصلهم من بني الزبير بمديرية سريح في صنعاء.

* السادة: ويشملون بني الحسني وبني النهاري، وهم هجرة من رباط النهاري وبيت الحسني في السلفية، ويسكنون قرية الجبل.

* بيت المرهبي: أصلهم من يفعان، ويسكنون قرية الجبل أيضاً، وقد سبق أن ظهرت منهم شخصيات بارزة كالشاعر محمد بن حسين المرهبي.

* بيت المغربي (المغاربة): يستقرون في قرية المغارب.

* بيت الجندلي: أصلهم من خولان، ويقيمون في قرية الغربي.

* بيت الزكري: أصلهم من عتمة، ويسكنون قرية العر.

* بيت الذابي (الغرابي): يقطنون قرية وادي الرييم.

* بيت العراقي: يقيمون في قرية لكمة.

تظل عزلة الرييم في مديرية مزهر، بكل ما تحمله من عمق تاريخي وجغرافي وتنوع سكاني، نموذجاً حياً للتجمعات اليمنية التي تختزن إرثاً قديماً وتتحدث باسم قبائلها وبطونها المؤسسة.

إن تركيز الهمداني على وجود “الصرادف” في هذه الجغرافيا يؤكد أن المنطقة ليست مجرد تجمع سكاني حديث، بل هي امتداد متواصل لحضارات قديمة. وفي الوقت الذي تتشابك فيه أنساب “بني السلطان” و”آل الدروبي” و”السادة”، تبرز الحاجة الملحة إلى توجيه بوصلة التنمية والخدمات الأساسية نحو هذه العزلة، لضمان أن يواكب حاضرها الغني بتاريخها.

مصدر المعلومات في هذه المادة: المؤرخ الأستاذ حيدر علي ناجي.