شهدت مدن صنعاء ومأرب اليمنية والعاصمة المصرية “القاهرة” فعاليات تأبين حاشدة للشاعر الكبير ياسين محمد البكالي، وذلك إحياءً لأربعينيته. عكست هذه الفعاليات، التي أقيمت أيام الخميس والجمعة والسبت الموافق 26 و27 و28 يونيو 2025 على التوالي، حجم المكانة التي يحتلها الفقيد في المشهد الثقافي والأدبي اليمني والعربي، وتأكيداً على إسهاماته الكبيرة في إثراء القصيدة الوطنية والإنسانية.
صنعاء: “ضميراً حياً” في اتحاد الأدباء
في صنعاءأقيمت فعالية تأبين وإحياء أربعينية الفقيد في يوم الخميس، 26 يونيو 2025، بحضور كثيف من الشعراء والأدباء والكتاب والمثقفين. أكد الأمين العام المساعد لاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، الدكتور عبدالكريم قاسم، أن البكالي لم يكن مجرد عضو في الاتحاد، بل كان “ضميرًا حيًا فيه”، مشيرًا إلى أنه خسر شاعرًا يرى الشعر أداة لتطهير الوجدان. ولفت قاسم إلى أن دراسة البكالي للفلسفة انعكست على شعره في تناغم أدبي فلسفي بديع، جعله “فيلسوف شعراء جيله بلا منازع”.
من جانبه، أشاد نائب رئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين فرع صنعاء، جميل مفرح، بتجربة البكالي الشعرية الفريدة، واصفًا إياه بالشاعر الغزير الإبداع والكريم العطاء، والذي سيظل شعره محلقًا في أعالي الإبداع اليمني والعربي. كما تحدث أصدقاء الشاعر، الدكتور عبدالجبار الوائلي والشاعر محمد الجرادي، عن رصيده الزاخر في الحقل الثقافي، مؤكدين أن الشاعر “لم يكن يكتب لنا، بل يكتبنا”. وفي لفتة مؤثرة، تحدث نجلا الشاعر، وديع ونجلاء، عن والدهما كصديق ومعلم وسند، مؤكدين أنه علمهم أن الكلمة موقف، وأن الشاعر لا يساوم على صوته.
تخللت الفعالية قراءات شعرية لشعراء يمنيين وعرب، وتقديم قصائد للفقيد من قبل ابنته نهى ياسين والطفلين ثامر الجبل ورهف الشولي. كما شهدت الفعالية عرضًا لمسيرة الفقيد ونماذج من أعماله الإبداعية، وتوزيع كتاب “حين يغدو الرحيل وطنًا” الذي سلط الضوء على سيرته ومناقبه. واختُتمت الفعالية بتكريم رمزي للشاعر عرفاناً بدوره “كصوت حر وكاتب مقاوم”.
القاهرة: أمسية وفاء واستحضار للسيرة الإبداعية
أحيا المركز الثقافي اليمني في القاهرة يوم الخميس، 26 يونيو 2025، أمسية ثقافية وشعرية حملت عنوان “الوفاء”، استحضرت سيرة الشاعر الراحل ياسين البكالي. استعرض عدد من الأدباء والمثقفين اليمنيين، منهم الدكتور عبدالحفيظ النهاري والدكتور نجيب عسكر والأساتذة حميد الرقيمي ومنير طلال، ملامح من شخصية البكالي ومسيرته، وعلاقاتهم الإنسانية به.
أكد المتحدثون أن البكالي كان شاعرًا للوطن والمرأة، ومثقفًا تحمل التجاهل الرسمي بصمت، لكنه فجّر مشاعره وأفكاره عبر دواوينه الشعرية التي تجاوزت 12 ديواناً. ودعوا إلى تبني إرث البكالي الشعري، ونشر أعماله غير المطبوعة، وإطلاق مبادرات ثقافية تستلهم قيمه ومبادئه، مؤكدين أن تكريمه هو تكريم “للكلمة والهوية، ووفاء لرجل ظل يلاحق الموت بالكلمة ويؤمن بأن الشعر رسالة وموقف”. تخللت الأمسية قراءات شعرية للشاعرين عبدالواحد عمران ومحمد مشهور، وتم توزيع كتاب “حين يغدو الرحيل وطناً”.
مأرب: “ضميراً وطنياً حياً” قاوم بالكلمة
وفي مأرب، أحيت المحافظة يوم السبت، 28 يونيو 2025، فعالية أربعينية الشاعر البكالي، برعاية السلطة المحلية بمحافظة ريمة وحضور رسمي وثقافي واسع. أكد الحضور، وفي مقدمتهم اللواء محمد الحوري، أن البكالي لم يكن مجرد شاعر، بل كان “ضميراً وطنياً حياً، صدح بالحق، وكتب للوطن والحرية، وظل شعره مرآة للوجدان اليمني”.
تخللت الفعالية قصائد شعرية ووصلات إنشادية وريبورتاج مرئي استعرض محطات من حياة الشاعر.
ودعا الحاضرون إلى جمع وطباعة أعماله الكاملة، وإنشاء جائزة سنوية تحمل اسمه تخليداً لمسيرته، مؤكدين أن الأربعينية اختتمت “وفاءً لقلم لم يخن، واحتفاءً بصوتٍ وطني سيبقى حيًا يُلهم الأجيال القادمة”.
تعكس هذه الفعاليات المتعددة في المدن اليمنية والعربية الإجماع على مكانة الشاعر ياسين البكالي كقامة شعرية وفكرية فذة، ترك إرثاً أدبياً وفكرياً غنياً يجسد قيم الحرية والوطنية، ويستحق أن يُحتفى به ويدرس إبداعه باستمرار.