نقلاً عن موقع خيوط
في أرجاء مديرية مزهر بمحافظة ريمة، يقف المزارع شوقي الحسني، متأملًا بفخر، إحدى ثمار الأفوكادو التي قطفتها يداه من شجرته. بين جبال ووديان ريمة الواسعة، نجح الحسني في زراعة الأفوكادو، محقّقًا إنجازًا زراعيًّا عزّز به رصيد المحافظة من المحاصيل النادرة التي تتميز بإنتاجها.
ذاع صيت انتشار المحاصيل النادرة التي اشتهرت بها محافظة ريمة في السنوات الأخيرة، وكانت دافعًا لكثير من المزارعين في محافظات أخرى للتفكير في زراعة عددٍ من المحاصيل التي كانت في طي نسيان المزارعين وإهمال الجهات الرسمية.
بدأت رحلة شوقي قبل سنوات، مستندًا إلى شغفه واستعداده للابتكار، ورأى هذا التحدي فرصةً لزراعة الفاكهة والتوسع فيها، مدفوعًا بإيمان قويّ بفوائدها الصحية ومردودها الاقتصادي الواعد، إذ يروي لـ”خيوط”، قصة نجاحه في زراعة هذه الفاكهة الاستوائيّة النادرة في اليمن، والمنطقة عمومًا، بالقول: “تزايُد الطلب على الأفوكادو في الأسواق المحلية والإقليمية، إلى جانب رغبة ملحة في خفض فاتورة الاستيراد وتحقيق الاكتفاء الذاتي، كان حافزًا قويًّا لي، للشروع في هذه المغامرة الزراعية، ولم يكن أمرًا سهلًا في بادئ الأمر أن أتحدّى الظروف الطبيعية، في طريق تحقيق هذا الحلم”.
في البداية، تمكّن شوقي من زراعة الشجرة الأولى، ومن ثَمّ تمكّنَ من إنتاج 600 شتلة في المرحلة الثانية، معتبرًا ذلك إنجازًا شخصيًّا ومجتمعيًّا. فنجاحه ليس فقط في إنتاج الفاكهة التي تستورد اليمن منها حوالي 600 طنّ سنويًّا، بل في تقديم نموذج ملهم للمزارعين المحليين الذين يبحثون عن طرق مبتكرة، حيث قام بتوزيع شتلات الأفوكادو إلى بقية المديريات للاستفادة من التجربة، وصلت إلى نحو أربعة آلاف شتلة، شملت مختلف مديريات ريمة.
ريمة الزراعية
تقع محافظة ريمة وسط سلسلة الجبال الغربية، وتتعقد تضاريسها بكثرة الالتواءات وشدّة الانحدارات، وتُعدّ الزراعة من أبرز الأنشطة التي يمارسها السكان، بفضل تضاريسها ومناخها المتنوع.
يشير مدير مكتب الزراعة في ريمة، إبراهيم التكروري، لـ”خيوط”، إلى أنّ المساحة المزروعة في ريمة تبلغ (22249) هكتارًا، موزعة كالآتي: للحبوب 8261 هكتارًا، وبكمية إنتاج 7768 طنًّا، و7599 هكتارًا للبن، وبكمية إنتاج 4293 طنًّا، وتحتل البقوليات مساحة 1039 هكتارًا، وبكمية إنتاج 2677 طنًّا، فيما تحتل الفواكه 500 هكتار، وكمية الإنتاج 7263 طنًّا، والأعلاف 1341 هكتارًا، وبلغت كمية الإنتاج 18904 أطنان، والخضروات 50 هكتارًا، وكمية الإنتاج 565 طنًّا.
وبالرغم من اعتماد الزراعة في محافظة ريمة على الأمطار في ري وسقي المحاصيل الزراعية، فإنها تزرع المحاصيل في الجبل والسهل والوادي، حيث يتم بشكل كبير زراعة الحبوب والبقوليات بدرجة رئيسية.
فيما يشير التكروري إلى أنّ الفاكهة المتساقطة، مثل الفرسك والتفاح واللوز وغيرها، تُزرع في المناطق الجبلية المرتفعة، كالجبين وكسمة ومزهر. بينما المناطق الجبلية المنخفضة ومتوسطة الارتفاع، تزرع شجرة البُنّ. وفي مناطق الوديان، تنتشر زراعة الفاكهة المستديمة كالموز والمانجو والجوافة وعنب الفلفل، إضافة إلى تنوع الغطاء النباتي من الخضروات والحراجيات والزيتون والنباتات الطبية والعطرية.
بالمقابل، يحتاج المزارع للتدريب على الجني، والتعامل بشكل احترافي في زراعة المساحات ذات الحيازات الصغيرة، خصوصًا في الجبال، ويعتبر مزارعون أنّ التسويق أهم المراحل التي تُشجِّع المزارعين على التوسع في الزراعة وزيادة الإنتاج، في علاقة طردية؛ كلما كان السوق أفضل كان الإنتاج أكثر وأوفر.
تعد أشجار الحُمَر (التمر الهندي) من الأشجار العملاقة والمعمرة، تصل أعمارها إلى أكثر من 300 عام، وارتفاعها قرابة عشرة أمتار، تمتاز بأنها تتحمل الجفاف والملوحة، وتنمو في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وفي التربة الطينية والرملية والمالحة، رغم هذه المميزات فإنّها تتأخر في الإثمار، حيث لا تثمر إلا بعد عشرت سنوات.
ويرى المهندس الزراعي عبدالله القاضي، وهو مالك مشتل زراعي في بلاد الطعام، في حديثه لـ”خيوط”، أنّ الشتلات الموجودة في ريمة، وفي عموم اليمن، هي من المحاصيل النادرة، وبعضها لا تتوفر حتى في دول أوروبية متقدمة، إلا أن المزارع اليمني ينقصه الإمكانات من ناحية، وضعف سياسة التسويق من ناحية أخرى، خصوصًا مع تراجع معدلات القدرة الشرائية لدى المواطن، وارتفاع تكاليف الإنتاج التي لا تغطيها عائدات المحصول.
الزنجبيل
يقدر استيراد اليمن للزنجبيل بحوالي 10% من إجمالي الفواكه المستوردة (هناك اختلاف في تصنيف الزنجبيل فيما إذا كان من الفواكه أو الخضروات)، ويتم استيراده بالعملة الصعبة؛ لذلك كان الإعلان عن زراعته في محافظة ريمة أمرًا لافتًا للانتباه، حيث إنّ زراعته ليست أمرًا جديدًا على المحافظة كما يشاع؛ فريمة هي المحافظة الوحيدة في اليمن التي بدأت بزراعته منذ أكثر من عشرين عامًا، خصوصًا في عزلتَي بني سعيد وبني أحمد بمديرية الجعفرية.
يقول أحمد حيدر الوليدي- رئيس جمعية الجعفرية التعاونية الزراعية متعددة الأغراض، لـ”خيوط”: “زراعة الزنجبيل في المديرية موجودة منذ فترة طويلة، إلّا أنّ إنتاجه ارتبط بعددٍ معين من المزارعين، خصوصًا الذين يمتلكون أراضيَ في الأودية وبعض المناطق المهيَّأة للزراعة، وكان الهدف منه في بادئ الأمر تغطية الاستهلاك الشخصي للأُسَر التي تقوم بزراعته، ثم توسَّع تدريجيًّا، خصوصًا منذ العام 2020، وزادت مساحات الزراعة والإنتاج”.
وبيّن أنّ التنوع المناخي للمديرية أسهم في زيادة التنوع في المحاصيل الزراعية من الحبوب والفواكه والمحاصيل النقدية والنباتات العطرية والطبية، وقد جعلها موقعها الجغرافي المتميز قابلةً للتنوع الزراعي المختلف.
ويشير الوليدي إلى أنّه من الصعب تحديد كمية الإنتاج بشكل دقيق بسبب عشوائية المزارعين والتصرفات الفردية في التوزيع، وكذلك عدم التزام بعض المزارعين بجني المحصول في موسم حصاده، إذ يضطر المزارع الذي يعاني من حالة معيشية صعبة إلى البيع قبل موسم الحصاد.
ووفقًا لإحصائية زراعية رسمية، اطلعت عليها “خيوط”، فإنّ العام 2021، شهد إنتاج 22 طنًّا من الزنجبيل من مديرية الجعفرية، فيما يقدّر المزارعون إنتاجهم منذ بداية 2020، حتى نهاية 2023، بنحو 50 طنًّا، وبلغت أسعار الكيلو الواحد نحو 1500 ريال، مقارنة بضعف ذلك لأسعار الكيلو المستورد.
وأكّدت مصادر زراعية لـ”خيوط”، أنّ العام 2024 هو الأسوأ من حيث الإنتاج، ويعزون ذلك إلى شحة المياه، وعدم توفر سوق مشجعة للمزارعين، فمن خلال تجربة المزارع الذي صدمه واقع السوق وعدم تغطية تكاليف الإنتاج، واحتكار التسويق لدى فئة بسيطة من التجار بدون رقابة رسمية، كل ذلك مثّل عامل تراجع للتوسع في زراعة المحصول.
الكركم
الكركم (الهرد البلدي) هو أحد المحاصيل النادرة التي امتازت بها محافظة ريمة، قاد بذورَه إلى أرض مديرية الجعفرية أحدُ المغتربين منذ ما يزيد على ثلاثين عامًا، وظلّ المنتج رهين الاستهلاك المحلي، قبل أن يتوسع في الثلاث السنوات الأخيرة، ليغطي مساحات واسعة، خصوصًا في عزل بني سعيد وبني واقد وبني الجعد.
أسهم في نمو الكركم المناخُ الملائم وطبيعة الأرض الجبلية والخصبة في آنٍ واحد، كما شجّع المزارعين الزخمُ الكبير والدعم الذي لاقوه في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو دعم مجتمعي أكثر من كونه دعمًا منظمًا من الجهات المختصة.
خلال العام 2021، بلغ الإنتاج من الكركم 21 طنًّا، وفقًا لإحصائية مكتب وزارة الزراعة بالمحافظة، وأخذ في التوسع في العامين 2022 و2023، لكنه لا يختلف من حيث التراجع في العام الجاري عن محصول الزنجبيل، وللأسباب ذاتها. وتعدّ فاكهة الخرمش (القشطة) إحدى الفواكه التي تصدّرها محافظة ريمة إلى الأسواق المحليّة، إذ يقدر إنتاج المحافظة، وفق بيانات مكتب الزراعة خلال العام 2023، بنحو 442 طنًّا من هذه الفاكهة.
مدير مكتب الزراعة في مديرية بلاد الطعام، علي محفوظ العمري، يتحدّث لـ”خيوط”، عن أنّه تم إجراء تجارب متعددة لعددٍ من المحاصيل مثل الزنجبيل والكركم، ونجحت التجربة في المديرية، مؤكّدًا أن المحاصيل النادرة التي تتم زراعتها في المديرية حتى الآن غالبًا ما يتم استهلاكها بشكل محلي، وليست للتصدير. فيما تشتهر المديرية بزراعة الفواكه، مثل: المانجو بأنواعه، والموز، والليمون، والباباي، إلى جانب الحبوب، وخصوصًا الدُّخن الجبلي، والذرة الحمراء والذرة الشامية والرفيعة، وكذلك الخضروات بأنواعها.
اللوز
على الرغم من انتشار اللوز في أكثر من مديرية في محافظة ريمة، فإنّ قصة نجاح “قرية المحجر” بمديرية كسمة، استوقفتنا أكثر لمعرفة تفاصيلها.
يروي حكايتها لـ”خيوط”، بطلُ القصة المزارع محمد أمين، بالقول: “هاجر معظم أفراد القرية إلى المدينة، فأثّر ذلك على توسع تصحر الأراضي الزراعية، التي طغت عليها الأشجار المتنوعة مثل الساج غير المثمرة؛ وتسبّب ذلك في اندثار الأراضي، وتحوّلت إلى أراضٍ مهجورة”.
يضيف: “بادرتُ بدعوة أصحاب المحجر إلى زراعة اللوز وقلع الساج، وبدأنا بالمرحلة الأولى من خلال زراعة 20 شجرة لوز لكل أسرة، تفاعل الجميع مع المبادرة حتى من كانوا في المدينة، ورافق ذلك إصدار وثيقة حماية لهذه الأشجار من الاعتداء عليها أو القلع أو الرعي، وتوسّعت زراعة هذه الأشجار إلى أن وصلت إلى ما يقارب ألف شجرة حاليًّا موزعة على خمسة عزل”.
وأوضح أنّه عمل خلال المرحلة الأولى على توزيع 200 شتلة بعمر سنة، وزن الشتلة مع قاعدتها الترابية تبلغ 20 كيلو جرامًا، فيما تم تشجيع المزارعين في المرحلة الثانية بأسعار زهيدة لا تتجاوز فيها سعر الشتلة الألف ريال، مؤكدًا أنّ المنطقة تتطلب توفير نحو عشرين ألف شتلة لتغطية الجزء الأعلى من جبال كسمة.
في مديرية كسمة، يوجد جبل برد، ويعدّ ثاني أعلى قمة في اليمن، بعد جبل النبي شعيب، ويبلغ ارتفاعه عن مستوى سطح البحر 2850 مترًا تقريبًا، ومنطقة بهذا الارتفاع، والبرودة، يمكن لها تقبّل زراعة محاصيل متنوعة من الحبوب والخضروات والفواكه، ويتطلب ذلك إشرافًا هندسيًّا يحمي المزروعات من الصقيع، والتحكم في الرطوبة والتسميد والري.
مدير مكتب الزراعة في مديرية السلفية، محمد محمود، يقول لـ”خيوط”، إنّ المحاصيل النادرة يجري تجربتها حاليًّا في المديرية، وإذا ما نجحت التجارب فسيتم تعميمها على كافة المديرية، لافتًا إلى أنّ زراعة اللوز تتركز بشكل أكبر في عزلة بني الواحدي.
الحمر (التمر الهندي)
تعدّ أشجار الحُمَر (التمر الهندي) من الأشجار العملاقة والمعمرة، وتصل أعمارها إلى أكثر من 300 عام، وارتفاعها قرابة عشرة أمتار. تمتاز بأنها تتحمل الجفاف والملوحة، وتنمو في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية، وفي التربة الطينية والرملية والمالحة، رغم هذه المميزات تتأخر في الإثمار، حيث لا تثمر إلا بعد عشرت سنوات.
استوردت اليمن في العام 2021، 142,5 طنًّا، وارتفعت كميات الاستيراد في العام 2022، لتصل إلى 450 طنًّا، رغم توفره بشكل كبير في اليمن.
وأنتجت ريمة خلال العام 2023، من هذا المحصول 90 طنًّا من وادي مزهر والجعفرية؛ وفقًا لمدير مكتب الزراعة في ريمة، فضلًا عن الإنتاج في كثير من المديريات، الذي غالبًا ما يتم استهلاكه بشكل محلي، أو البيع بشكل فرديّ، بسبب غياب آلية التسويق.
وبيّن التكروري أنّ مكتب الزراعة والري قام العام الماضي، بالتنسيق مع مؤسسة الخدمات الزراعية لتسويق منتج التمر الهندي؛ وذلك من خلال إلزام تجار بشراء المنتج المحلي، لافتًا إلى أنّه تم استقدام آلة تغليف من فرع مؤسسة الخدمات الزراعية بمحافظة الحديدة، بهدف تنظيم تسويق المنتج والحفاظ على جودته.
فيما قدّر المزارع شوقي الحسني الإنتاجَ من المحصول خلال العام الجاري 2024، حتى الآن بمديرية مزهر، بما يزيد على 60 طنًّا، وما يزال الموسم جاريًا، متوقعًا زيادة كبيرة عن العام الماضي، لافتًا إلى أنّ تشجيع مؤسسة الخدمات خلال العام الماضي لشراء هذا المنتج أسهم في تشجيع المزارعين، إذ تم الشراء من المزارعين بسعر (1500 ريال) للكيلو الواحد، في حين يباع في الأسواق بـ(1000 ريال).
الهيل
عن طريق البذور، يُزرَع الهيل في تربة خصبة جيدة التصريف، ويجب أن تكون درجة حرارة التربة بين 25 و30 درجة مئوية، وتستغرق بذور الهيل حوالي 30 إلى 45 يومًا للإنبات.
عن تجربته في زراعة الهيل، يقول المزارع وضاح القطوي، لـ”خيوط”: “كانت البداية التي دفعتني إلى محاولة زراعة الهيل، ارتفاع سعرها الكبير في السوق. قررت خوض التجربة بعد أن قمت بقراءة بعض المراجع في شبكة الإنترنت حول كيفية زراعة الهيل، والجدوى الاقتصادية منها”.
وأضاف وضاح، وهو من أبناء عزلة قطو، بمديرية الجبين: “عمر الفكرة عامان، حيث قمت بإجراء محاولات عدة، حتى نجحت أخيرًا، وشعرت بسعادة عميقة حين حصدت الثمرة، فقمت بالتوسع في الزراعة، وحثّ المزارعين على ذلك، خصوصًا من أبناء منطقتي. وأمتلك حاليًّا 40 شجرة هيل”.
تجربة المزارع وضاح بهذا المحصول النادر، أصبحت مصدر إلهام للمزارعين الآخرين، وأثبتت أنّ ريمة أرضٌ خصبة وقادرة على إنتاج محاصيل غير تقليدية، حيث تمكّن من إقناع أربعة مزارعين بزراعتها، لتصل عدد الأشجار حاليًّا في منطقته إلى 120 شجرة.
يشير القطوي إلى أنّ المستقبل يحمل في طياته المزيد من النجاح والازدهار للزراعة بالمحاصيل النادرة، ومنها الهيل، ويلزم لذلك “بذور طرية” صالحة للزراعة، مؤكّدًا أنّ التضاريس والتربة والمناخ مهيَّأة للتوسع في زراعة هذا المحصول بشكل كبير. فيما أشار مدير مكتب الزراعة إلى أنّه تم إجراء تجربتين أُخرَيَين لزراعة الهيل، ويجري حاليًّا دراسة الجدوى لتعميم التجربة.
حب العزيز
تزرع ريمة أيضًا، بوفرة، محصولَ حبّ العزيز. بدأت التجربة في العام 2021، بمنطقة مزهر من خلال خمسة مزارعين في منطقة مسور، وانتقلت الزراعة إلى وادي مزهر، وتم في البداية إصدار طُنّين اثنين، ومِن ثَمّ تم التوسع بشكل أكبر؛ بحسب مدير مكتب الزراعة بالمحافظة، مبينًا أنّه تم إنتاج تسعة أطنان من حب العزيز، خلال الثلاث السنوات الماضية من وادي مزهر، وتم شراء الكمية من مؤسسة الخدمات الزراعية.
الزعفران ومحاصيل أخرى
يعتبر الزعفران من أهم المحاصيل المربحة، التي تعاني اليمن من شحة زراعته، في حين يوضح المزارع شوقي الحسني، لـ”خيوط”، إمكانيةَ ذلك، بالنظر إلى أنّ الأرض صالحة لزراعة كل ما هو مثمر، بما في ذلك الزعفران، وليس من معيق سوى غياب الوعي بخصائص المنطقة الصالحة لزراعة كل شجرة.
ويضيف: “حاولتُ على مدى سنوات، الحصولَ على شتلات وبذور الزعفران، حتى نجحتُ أخيرًا في الحصول على شتلات بشكل خاص من مصر. ولِوصولها بصورة منهكة، حاولت إعادة إحيائها بكل الطرق حتى تمكّنت من ذلك”.
ويتابع: “الآن تتوفر لديّ شتلات الزعفران، وبدأتُ تجريبَها في مناطق متعددة بين الجبال والأودية، وهي من أهم المحاصيل التي أحرص عليها، والتي آمل أن أنجح في تعميم زراعتها على كل محافظة ريمة، وكل الوطن، كونها من أغلى المنتجات وأكثرها من حيث العائد الاقتصادي”، مشيرًا إلى أنّه يملك حاليًّا نحو 30 صنفًا من الشتلات لفواكه ومحاصيل نادرة في اليمن، يعمل على تنميتها، لتعميم التجربة، رغم أنّ المشتل الذي يعمل عليه لا يزال تقليديًّا، ويسعى إلى تطويره بشكل تدريجي.
النخيل البري
يشير المزارع محمد أحمد الحاج، لـ”خيوط”، إلى أنّ مديرية الجبين إحدى المديريات الزراعية التي يمكن أن تزرع كافة المحاصيل، بما فيها المحاصيل النادرة، مبينًا أنّ النخل البري على سبيل المثال، أحد المحاصيل المهملة، التي تنتشر بشكل كبير في المَزارع، خصوصًا الخالية من الزراعات الأخرى، ويمكن استثمارها بشكل كبير.
ويلفت إلى أنّ الخرمش من المحاصيل المهمة في المديرية، وأن المزارعين بدؤوا بالتوجه نحو زراعة الأفوكادو ومحاصيل أخرى ذات عائد اقتصادي أفضل للمُزارع.
المزارعين المنتِجين بالجمعية، وكذلك الحال لمن تم دارسة ومسح وجاهزية أراضيهم وحجزها، وكذا وصول الجمعية إلى حالة حرجة وموقف صعب؛ نتيجة وعودها للمزارعين بتوفير البذور واستكمال الخزانات، وكذلك تسويق منتجاتهم، وكلُّ ذلك أدّى إلى تدنّي مستوى الإنتاج في محصول الزنجبيل والكركم بعد أن كانت المديرية قد وصلت إلى مستوى كبير من التميز والإنتاج.
وبحسب الدراسة التي قدّمتها الجمعية، اطلعت عليها “خيوط”، فإنّ النتائج في حال توفرت الإمكانيات ستُسهم في زيادة إنتاجية محصول الزنجبيل إلى نحو 40 طنًّا، والإقلاع عن زراعة القات واستبداله بالزنجبيل، والاستفادة من الأراضي الزراعية غير المستغَلّة، وكذا تصدير التجربة الناجحة إلى خارج المديرية، في حين يؤكّد مزارعون أهمية توفير البيئة الملائمة لاستغلال الإمكانيات الزراعية التي تتميز بها ريمة؛ وذلك بحسب المزارع محمد أمين، من خلال الشتلات الزراعية، وتقليص سطوة المتنفذين واحتكار المصدرين، وإيجاد آليات فعّالة تضمن حق المُزارِع والمستهلك والتاجر.
في السياق، يشير مدير مكتب الزراعة بالمحافظة، إلى عدم إيقاف المشروع، وهو عبارة عن قروض محسنة، يجري تنفيذه وفقًا لمراحل، بما يضمن حقوق الدائن والمدان، وكذا ضمان تنفيذ المشروع وفقًا للمواصفات الفنية والهندسية التي تعود بجدوى اقتصادية أفضل، لافتًا إلى أنه خلال الأسابيع القادمة، سيتم البدء باستكمال 71 خزانًا مائيًّا وبِرَكًا، يليه مرحلتان، في كلٍّ منهما خمسون خزانًا، وصولًا إلى 171 خزانًا وبركة مائية.
وتحدَّثَ عن وجود خطة تستهدف تكوين وتشكيل مدارس المزارعين الحقلية، وقد قُطع في ذلك شوط كبير، حيث تم تدريب ما لا يقل عن خمسين متدربًا، وتشكيل ما يقارب ثلاثين مدرسة حقلية؛ وذلك كله في إطار النهوض بالإرشاد الزراعي.
الشاي الأسود
بحسب مكتب الزراعة في ريمة، فإنّ إنتاج محصول الشاي الأسود يتم في منطقتين في ريمة، هما: الحدية، ومزهر. ويجري حاليًّا استكمال استصدار شهادة الجودة من هيئة المواصفات والمقاييس، لتعميم هذه التجربة على كل المحافظة.
معوقات
حول التوجهات المستقبلية وأبرز المعوقات التي تواجه زراعة المحاصيل النادرة في ريمة، يتحدث رئيس الجمعية الزراعية بمديرية الجعفرية، أحمد حيدر الوليدي، عن مشاريع التوسع في زراعة الزنجبيل، قائلًا: “أجرت الجمعية دراسة ميدانية لستّ عزل من المديرية، في مرحلة أولى، شملت حصر الأراضي التي سيتم التوسع فيها للمنتج، والقابلة لزراعة محصول الزنجبيل، بأقل الإمكانيات المتاحة، وبالجودة ذاتها، وتم خلالها تهيئة الأراضي الصالحة لزراعة المنتج”.
وأضاف: “كما تم تشجيع المزارعين، مُلّاك الأراضي المستهدفة، ودعوتهم إلى زراعة المنتج وتهيئة أراضيهم الخصبة، على أن تتولى الجمعية توفير البذور المحسنة لهذا المنتج، بقرض يتم سداده عند حصاد المنتج، مثّلَ ذلك دافعًا للمزارعين في التوسع، والتزمت الجمعية للمزارعين بتوفير احتياجاتهم من بذور الزنجبيل بناء على الوعود الصادرة عن الجهات المعنية. ورغم ذلك ومن خلال المتابعة والتواصل، ورفع الاحتياج اللازم لتلك الأراضي المستهدفة بالتوسع في المنتج، فإنّه لم يتحقق على أرض الواقع، وهو ما مثّل عاملَ إحباطٍ للمُزارِعين”.
ريمةكغيرها من المحافظات اليمنية التي لا تستفيد من مياه الأمطار، وربما تفوق المحافظات من حيث كمية المياه المهدورة التي لا تتم الاستفادة منها، ويأتي ذلك في الوقت الذي تتميز فيه المحافظة التي تعاني الإهمال، بتضاريسها الجغرافية المتنوعة، وأراضيها الزراعية الخصبة والملائمة لزراعة مختلف أنواع المحاصيل.
يمتلك معظم المزارعين سقايات وخزانات غير مستكملة، بالنظر لصعوبة توفير مادة الإسمنت، فيما تم تحديد الاحتياجات بوضع دراسة هندسية على مستوى العزل المستهدفة -بحسب الوليدي- حيث بلغ مجموع تلك الخزانات والسقايات التي تمت دراستها، ما يقارب 170 خزانًا وسقاية، تحتاج لما يقارب خمسة آلاف كيس إسمنت.
وأوضح أنّ الجمعية تلقّت وعودًا أخرى بحجز محصول الزنجبيل لدى كبار المزارعين، بغرض الاستفادة منه في التوسع في المناطق المستهدفة، وتم دفع مبالغ مالية للعديد منهم؛ لضمان عدم التصرف بالمحصول أو بيعه، على أن يتم تسديد بقية المبلغ عند الحصاد، وتسديد القيمة التي ستقوم الجهات المعنية بدفعها، بحسب الوعود الصادرة منهم، لكنها كسابقاتها لم يُوفَى بها؛ فتسبّبَ ذلك في إلحاق ضرر كبير بالجمعية والمزارعين على حدٍّ سواء، من حيث الخسائر المادية، وكذا تأخر حصاد المنتج وخروجه عن الموسم المحدّد للحصاد.
ولفت إلى أنّ تلك الإجراءات ترتب عليها انعدام ثقة المزارعين المنتِجين بالجمعية، وكذلك الحال لمن تم دارسة ومسح وجاهزية أراضيهم وحجزها، وكذا وصول الجمعية إلى حالة حرجة وموقف صعب؛ نتيجة وعودها للمزارعين بتوفير البذور واستكمال الخزانات، وكذلك تسويق منتجاتهم، وكلُّ ذلك أدّى إلى تدنّي مستوى الإنتاج في محصول الزنجبيل والكركم بعد أن كانت المديرية قد وصلت إلى مستوى كبير من التميز والإنتاج.
وبحسب الدراسة التي قدّمتها الجمعية، اطلعت عليها “خيوط”، فإنّ النتائج في حال توفرت الإمكانيات ستُسهم في زيادة إنتاجية محصول الزنجبيل إلى نحو 40 طنًّا، والإقلاع عن زراعة القات واستبداله بالزنجبيل، والاستفادة من الأراضي الزراعية غير المستغَلّة، وكذا تصدير التجربة الناجحة إلى خارج المديرية، في حين يؤكّد مزارعون أهمية توفير البيئة الملائمة لاستغلال الإمكانيات الزراعية التي تتميز بها ريمة؛ وذلك بحسب المزارع محمد أمين، من خلال الشتلات الزراعية، وتقليص سطوة المتنفذين واحتكار المصدرين، وإيجاد آليات فعّالة تضمن حق المُزارِع والمستهلك والتاجر.
في السياق، يشير مدير مكتب الزراعة بالمحافظة، إلى عدم إيقاف المشروع، وهو عبارة عن قروض محسنة، يجري تنفيذه وفقًا لمراحل، بما يضمن حقوق الدائن والمدان، وكذا ضمان تنفيذ المشروع وفقًا للمواصفات الفنية والهندسية التي تعود بجدوى اقتصادية أفضل، لافتًا إلى أنه خلال الأسابيع القادمة، سيتم البدء باستكمال 71 خزانًا مائيًّا وبِرَكًا، يليه مرحلتان، في كلٍّ منهما خمسون خزانًا، وصولًا إلى 171 خزانًا وبركة مائية.
وتحدَّثَ عن وجود خطة تستهدف تكوين وتشكيل مدارس المزارعين الحقلية، وقد قُطع في ذلك شوط كبير، حيث تم تدريب ما لا يقل عن خمسين متدربًا، وتشكيل ما يقارب ثلاثين مدرسة حقلية؛ وذلك كله في إطار النهوض بالإرشاد الزراعي.
مياه مهدورة
ريمة كغيرها من المحافظات اليمنية التي لا تستفيد من مياه الأمطار، وربما تفوق المحافظات من حيث كمية المياه المهدورة التي لا تتم الاستفادة منها، ويأتي ذلك في الوقت الذي تتميز فيه المحافظة التي تعاني الإهمال، بتضاريسها الجغرافية المتنوعة وأراضيها الزراعية الخصبة والملائمة لزراعة مختلف أنواع المحاصيل، حيث تتميز المحافظة كذلك، بأسواق محدّدة تُجمع إليها محاصيل المحافظة، هما سوق علوجة وسوق الحدية، ومنهما يتم إرسال المنتجات إلى بيت الفقيه، ثم إلى عواصم محافظات الجمهورية والخارج.
يقول الناشط والباحث الاجتماعي منصور أبو الفضل منصور، لـ”خيوط”: “ظلت محافظة ريمة سنوات طوال في صدارة المحافظات الزراعية، واحتفظت بمركزها بين المحافظات، فهي ثاني محافظة يمنية إنتاجًا للبُنّ الذي تراجع إنتاجه في السنوات الأخيرة لأسباب كثيرة؛ أهمّها الهجرة الداخلية والخارجية إلى مناطق أخرى للبحث عن عمل، وتدني قيمة المنتج بفعل احتكار كبار التجار في السوق المحلية، وشرائهم للمنتج بأرخص الأسعار”، مشيرًا إلى إشكالية شحة المياه وعدم وجود سدود وحواجز مائية، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار المبيدات الزراعية، وتوسع زراعة القات؛ كلها إشكاليات وتحديات تتطلّب دعمًا وتشجيعًا للمزارعين، وتوفير ما يلزمهم من إمكانيات لاستصلاح أراضيهم.
وتشير إحصائيات رسمية إلى أنّ خسائر المحافظة في 2020؛ بسبب جرف السيول للمَزارع والمنازل والطرقات، بلغت 37 مليار ريال، إذ جُرِفَت ما بين 20 إلى 30 ألف غرسة بُنّ، وأراضٍ واسعة خاصة بالخضروات والفواكه والذرة بكل أنواعها.
ويؤكّد التكروري أنّ مكتب الزراعة سيعمل خلال الفترة القادمة على تفعيل الجمعيات الزراعية، وتحسين القطاع الزراعي من خلال الخارطة المائية، والمحاصيل النادرة والنقدية، والنباتات الطبّية والعطرية، واستصلاح الأراضي الزراعية، وصيانة المدرجات الزراعية.