تلجأ بعض الفتيات لاستخدام أسماء مستعارة في مواقع التواصل الاجتماعي لأسباب عديدة، أبرزها أنها تسمح لهن بالتحدث بحرية في مختلف المواضيع التي يرغبن بالتحدث عنها ومناقشتها دون خوف من المجتمع الذي تحكمه عادات وتقاليد تحد من حريتهن في التحدث في مواضيع مختلفة.
تقول إحدى الفتيات في محافظة ريمة، وتمتلك حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي باسم مستعار 27 عامًا، أنها تستخدم مواقع التواصل الاجتماعي منذ فترة طويلة بأسم مستعار “أتحرر من شخصيتي الواقعية بدون مراقبة الفضوليين ..بحيث أعبر عن رأيي في جميع المواضيع التي اريد مناقشتها بدون تخوف لان أهلي يمانعوا ان امتلك حساب اصًلا في مواقع التواصل خصوصًا في مجتمع ريفي مثل محافظة ريمة الذي يراء انه من المعيب أن تمتلك الفتاة اي تطبيق من تطبيقات التواصل الاجتماعي”.
وتضيف: تعد بالأصابع الفتيات التي اعرف أنهن يمتلكن حسابات بأسمائهن الحقيقية في مواقع التواصل وبمعرفة اهلها وانها لأتسلم من نظرة المجتمع القاصرة لها ومراقبتها لكل حرف ممكن ان تكتبه او اي موضوع ممكن تناقشه.
توافقها الرأي، أم خالد 30 عامًا، من محافظة صنعاء حيث تقول : أعيش في مجتمع متحضر وليس ريفي لكنه لا يخلو من هذه النظرة، حيث يمانع زوجي أن امتلك حساب باسمي الشخصي حيث وضع لي أسم أم خالد لرغبته بعدم معرفة أحد ان زوجته تمتلك حساب شخصي لان هذا معيب ورجولته لا تسمح له بهذا .
وتتابع : يسمح لي فقط بتصفح وليس لي الحق بكتابة اي تعليق في اي صفحة او كتابة معلوماتي الشخصية او ان انزل في صفحتي الشخصية اي منشورات حيث يرى انه افضل من غيرة من الرجال فقد سمح لي بإن امتلك حساب في مواقع التواصل الأجتماعي حتى وإن كانت تحت قيود ولا أنكر ان هذا الوضع يزعجني كثيرًا لكن لا يوجد في اليد حيلة على الرغم أنني أرى ان الفتيات التي تستخدم اسماء مستعارة هي أكثر عرضة للإزعاج والمضايقات وان كتابة الفتاة لا أسمها الحقيقي ومعرفة هويتها الحقيقية يجنبها الكثير من المضايقات والتحرشات الإلكترونية.
من جهة أخرى تقول باستغراب، أحلام المخلافي26 عامًا، إحدى الفتيات من محافظة إب ولديها حسابات باسمها الحقيقي: لا أعلم لماذا ما يزال المجتمع يرفض ان تتواجد المرأة بهويتها الحقيقية في مواقع التواصل الاجتماعي حيث ان البنات عادةً ما يتم حرمانها من اي شيء جديد على المجتمع ومع التعود يبدأ البعض يتقبل والبعض الآخر لا ..فطبيعة المجتمع اليمني بالعموم انه أنتي بنت ولا تقارني نفسك بالرجال.
وتؤكد: لا أتواصل مع أي اسم وهمي إلا اذا كنت اعرفه بالواقع، حيث احاول قدر الامكان أن لا أقبل طلبات الصداقة التي بأسماء مستعارة فانا احاول ان يكون عالمي الافتراضي حقيقيًا قدر المستطاع لأنه اعتبره كذب وخداع أن أتعامل مع شخصية وهمية تخفي هويتها الحقيقية.
وتواصل: فكرة وجود مواقع التواصل الاجتماعي هي لتعريف عن نفسك و لتعارف والبحث عن اصدقاء وزملاء الدراسة والطفولة وليست لتخفي فوجودك فيها باسمك الحقيقي يسهل للكثير على رويئتك بسهولة.
وفي حديثها معنا، توضح الناشطة الحقوقية ذكرى الرفاعي: يعتبر العنف القائم ضد النساء من أكثر الانتهاكات ولاسيما حين يكون العنف القائم على النساء هو العنف الرقمي ، أو العنف الإلكتروني فهو يسلب المرأة بالذات جل حقوقها ويحرمها من أبسط الأساسيات في حياتها. تخيل ان تحرم المرأة ان تعبر عن رأيها الشخصي باسمها الحقيقي !!
وتشير إلى أن النساء في مجتمعاتنا تتعرض للقمع والتعنيف لمجرد رغبتها بكتابة اسمها في مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال يقال انه عيب ، وحرام ، وغيرها من التسميات، فتلجأ المرأة لكتابة اسم مستعار لتكتب ما تريد وهذا احد أهم مسببات المشاكل النفسية التي تحدث للنساء بالذات .
وتردف، نتمنى أن نعي ونفهم ان كتابة المرأة لاسمها الحقيقي ليست جرم لتعاقب عليه او لتحرم منه بل حق من حقوقها وعلى كل أب وكل زوج وأخ وابن ان لا يتعامل بهذا المنطق مع أهل بيته من النساء حتى لا يتعرضن لمشاكل نفسية او يلجأنّ لتصرفات أخرى غير مناسبة .
وفي سياق الحديث توضع لنا الاخصائية النفسية سحر عبدالله عن الاثار النفسية التي ممكن ان يسببها هذا الامر حيث تقول : من الطبيعي أن تلجأ كثير من النساء لعمل حسابات مستعارة لأن وسائل التواصل الاجتماعي غير بيئة آمنة للمرأة حيث تتعرض كُثر للتنمر أو الابتزاز الالكتروني او الإقصاء والتمييز ضدها وغير ذلك من أساليب العنف الذي يسبب اضرار لا حصر لها للمرأة من تشوية الصورة الاجتماعية إلى أضرار نفسية تصيبها أو اقتصادية مثل: فقدان وظيفتها أو قد تكون فكرة عمل حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي مرفوضة في البيئة التي تتواجد بها فيكون من الأفضل استخدام اسماء مستعارة.
وهذا يسبب أضرار نفسية عديدة يحدث كنتيجة للعنف الرقمي الذي مورس ضد الفتيات أو النساء في الفضاءات الرقمية حيث تعانين من الخوف وعدم الثقة بالآخرين وتوبيخ الذات وكذلك الرغبة في الانتحار .
وتتابع: للأسف فكرة الاسماء المستعارة أو تحجيم المرأة نفسها في مواقع التواصل الاجتماعي أو إغلاق حساباتها الرقمية هي الأكثر شيوعاً في ظل وجود ثقافة عدم قبول الآخر والتنافر ووجود فئة تستخدم مواقع التواصل مكاناً لإيذاء الآخرين؛عندما يتم فهم معنى حرية التعبير وعدم إلغاء الآخر و يتم ردع مرتكبي الجرائم الإلكترونية بقوة القانون سنكون بخير.
اما عن نظرة المجتمع الدونية تقول الاخصائية الاجتماعية هناء محمد : تعاني النساء في اليمن من العنف بكل أشكاله وأنواعه وعندما نتكلم عن العنف الإلكتروني يخطر على بالي الكثير من حديث الناس عن مواقع التواصل وسخطهم الشديد من اي امرأة يبرز اسمها في أحد مواقع التواصل الاجتماعي يعد ذلك في مجتمع منغلق خروج على العادات والتقاليد التي تحرم أن يكون للمرأة رأي أو صوت بل أن أولئك اللواتي كسرن هذا الحاجز فأنهن أكثر عرضة للعنف الإلكتروني ولهذا تلجأ الكثيرات للأسماء المستعارة هربا وخوفاً من نظرة المجتمع إلا انه الاسماء المستعارة اصبحت تقلل من مصداقية الواقع الافتراضي وتجعله يدور في إطار الشكوك .
تم إنتاج هذه المادة ضمن مخرجات برنامج التغطية الإعلامية الجيدة لقضايا الصحة الإنجابية والعنف القائم على النوع الاجتماعي الذي ينفذه مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي بالشراكة مع صندوق الأمم المتحدة للسكان.