على حين غِرَّة مطلع شهر رمضان لاقى المواطنون القاطنون في مركز المحافظة بالجبين أنفسهم يفتقرون إلى لتر ماء إثر توقف مفاجئ لمشروع مياه الجبين، الذي لم يمر على بدء ضخ المياه فيه وإيصاله للمجتمع سوى عامان ونصف العام، بعد أن ظل متعثرًا منذ ما يزيد عن 14 عامًا على انشائه.
يقول المواطن عزت حلب، وهو يسكن في قرية المحل بمركز الجبين، إن توقف مشروع المياه عن العمل شكّل كابوسًا للكثير من الأسر التي لا تمتلك مصادر مياه أخرى، خصوصًا أن معظم البرك والسدود فارغة نتيجة الجفاف وشحة الأمطار منذ فترة ليست بالقصيرة.
يضيف حلب، 36 عامًا، لـ”ريمة بوست“، أن التوقف المفاجئ لمشروع المياه، أعاد المواطنين إلى فترة انعدام المياه ومعاناة جلبها من مسافات بعيدة.. “اضطررت لجلب المياه من غيل العشة الذي يبعد عننا ما يقارب ساعتين، حيث نتحمل مشقة جلب دبات المياه على ظهورنا أو على ظهور الحمير ونحن صيام”.
وهو حال يشبه الحال الذي عاشه الأهالي قبل وصول المشروع، إذ يبيّن المواطن ابراهيم شاحط، إن الأهالي كانوا يعانون من مشكلة انعدام المياه، فيقضي بعضهم ساعات في طوابير جوار الغيول بانتظار الحصول على عشرين لترًا من الماء، بينما كان يضطر آخرون لشراء برميل الماء سعة ألفين لتر بسعر قد يصل إلى عشرة آلاف ريال.
مصدر وحيد لأكثر من 11 ألف نسمة
لم يكن خالد الوادعي، مواطن من ذات المنطقة، بمنأى عن معضلة توقف مشروع مياه الجبين بداية رمضان الحالي، بل كان واحدًا من المتضررين الذين عاشوا معاناة لم يتوقعوا أن تطول مدتها لتصل لما يقارب أسبوعين، نتيجة تأخر الجهات المعنية عن إصلاح العطل الذي أصاب المشروع وتسبب في توقف ضخ المياه، حد تعبيره.
ويشير الوادعي، 45 عامًا، في حديثه لـ”ريمة بوست“، إلى أن بالرغم من أنه لا يمتلك عدّاد مياه وغير مستفيد بشكل مباشر من مشروع المياه إلا أنه تأثر من انقطاعه، موضحًا “لأنه ليس لدي عدّاد إلى المنزل، فقد كنت أقوم بتعبئة الماء من جيراني الذين يمتلكون عدادات، وأدفع لهم مقابل مادي بقيمة الماء الذي أقوم بتعبئته”.
ويردف: “أما حاليا فلا يوجد لدينا حل سوى الذهاب إلى الغيول البعيدة أو شراء الماء ممن يقومون بجلبه على ظهور الحمير وبيعه على الأهالي، ونستهلك من الماء المخصص للغسل وغيره، ما يزيد عن 500 ريال يوميًا، إضافة إلى 500 ريال يوميًا لمياه الشرب”.
ويعتبر مشروع مياه الجبين، مصدرًا أساسيًا للمياه لما يقارب 11 ألف نسمة متوزعين على أكثر من 25 قرية في مركز المحافظة، منذ أن تم تدشينه في 2019م، بعد أن عاش الأهالي هناك معاناة طويلة نتيجة انعدام مشاريع المياه وشحة مياه الأمطار إلى جانب ارتفاع أعداد السكان وتزايد احتياجاتهم خلال الأعوام الماضية.
مبادرة لتخفيف المعاناة
مع تزامن انقطاع مشروع المياه وبدء شهر رمضان المبارك، كانت خزانات مياه السبيل، هي أحد المصادر التي ساهمت في التخفيف من مشكلة انعدام المياه، حيث قام عدد من فاعلي الخير بشراء خزانات مياه (وايتات) وجلبها إلى مركز المحافظة، ليقوم الأهالي بتعبئة الماء وتوفير احتياجاتهم منه مجانًا.
وبحسب الوادعي، فقد ساعدت هذه البادرة الإنسانية التي قام بها فاعلي الخير، في التخفيف من معاناة الكثير من الأسر التي لا تستطيع الحصول على المياه، وأصبحت تلك الوايتات سحابة خير ينتظر الأهالي وصولها كل يوم، ليحظوا بما تحمله من مياه، لا سيما أن هذه البادرة جاءت لمساعدة الناس خلال شهر رمضان.
عودة بعد انقطاع
بعد انقطاع دام لما يقارب أسبوعين، عاد مشروع مياه الجبين للعمل قبل أربعة أيام، في 16 ابريل، عن ذلك يوضح نصير شايع مدير مكتب المياه والبيئة في ريمة، أن توقف المشروع ناتج عن عطل أصاب غطاس في المرحلة الأولى من المشروع الممتد من منطقة الكبة وحتى مركز الجبين، ما أخرجه عن الخدمة.
ويبرر شايع تأخر إصلاح العطل الذي أصاب المشروع بارتفاع التكاليف المطلوبة لتغيير الغطاس العاطل، الأمر الذي جعل مكتب المياه عاجز عن توفيرها خلال فترة قصيرة في ظل ايراداته الشحيحة، بسبب “تأخر المستفيدين عن السداد فواتير المياه، واستفادة البعض من الخدمات بشكل غير نظامي”.
ويؤكد شايع، أن تلك الأسباب تؤدي إلى تأخر المكتب في اصلاح الأعطال التي يتعرض لها المشروع من وقت لآخر، مشيرًا إلى أن معدات المشروع عرضة للأعطال بشكل متكرر نتيجة قدمها وانتهاء عمرها الافتراضي وارتفاع حمولة رفع المياه، لا سيما أن بعض هذه المعدات تآكلت بسبب توقف المشروع وتعثره لحوالي 14 عامًا.
وبالرغم من عودة المشروع للعمل منذ ما يقارب أسبوع، إلا أن أمر توقفه وتعطله صار مثار قلق للأهالي الذين ليس لهم مصدر آخر للمياه، خصوصًا مع شحة الأمطار ونفاد مياه البرك والخزانات، وبُعد الغيول المائية عن المناطق التي يقطنونها.