أهازيج دينية واستعدادات استهلاكية..كيف يستقبل الناس شهرهم الفضيل؟

‏  5 دقائق للقراءة        938    كلمة

بشغفٍ لم تُخفِ بريقه سنوات الحرب العجاف يستعدُّ أهالي محافظة ريمة لاستقبال شهر رمضان المبارك، لما لأيامه من خصوصية دينية وما تحتويه من طقوس روحانية تمتزج مع الطبيعة الريفية لتخلق أجواء روحية تعطر الأرواح وتحلّق بها في ملكوت الفرحة والبهجة التي لا تأتي سوى مرةً واحدةً كل عام.

 

بهجة الاحتفاء

 وسط أجواء بهيجة استبشارًا بقدوم شهر رمضان تقوم النساء في ريمة بتنظيف المنازل وغسل المفروشات ومسح الجدران وتزيينها باعتبار هذا الشهر ضيفًا خفيفًا يستحق الاحتفاء به بمنازل نظيفة ومظهر جميل.

 

تقول منى عمار، 39 عامًا، ربة منزل، إن تنظيف المنزل وتزيينه بأضواء ملونة من الخارج من الأمور التي تمارسها هي وأبنائها دائمًا قبل قدوم شهر رمضان. في حين يقوم بعض الأطفال بإطلاق الألعاب النارية تعبيرًا عن فرحتهم لكن هذه العادة تراجعت مؤخرًا.

 

ولا تكتفي منى وأسرتها في تنظيف وتزيين المنزل بشكل أنيق، بل يقومون بإضافة مصباح كهربائي خارج المنزل ليضيء المكان الذي يلعب فيه الأطفال الصغار في مساءات رمضان، وهو ذات الأمر الذي تقوم به معظم الأسر.

 

استعدادات استهلاكية

الاحتياجات الغذائية هي الأخرى جزءًا من الاهتمامات التي يبديه الناس قبيل شهر رمضان، فيذهب المقتدرين منهم غالبًا لشراء احتياجاتهم الكافية لمدة شهر كامل، لتوفير عناء الذهاب إلى الأسواق أثناء الصيام خلال رمضان خصوصًا مع بُعد الأسواق عن المناطق الريفية الجبلية التي يسكنونها.

 

وبالرغم من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير إلا أن معظم السكان يقومون بالتسوق وشراء احتياجات شهر رمضان، حيث يدّخرون مصروفات مالية طوال شهور السنة خصيصًا لاحتياجات هذا الشهر، كـ القمح والتمور والعصائر وبعض الحلويات كـ “المحلبية” وغيرها، بحسب المواطن أحمد السعيدي.

 

ويردف السعيدي،43 عامًا، “أما بالنسبة للناس الغير مقتدرين فدائمًا تكون ثقافة التراحم والتكاتف حاضرة بجانبهم فيتلقون العديد من الاحتياجات الغذائية سواء من أهاليهم المقتدرين أو من أناس فاعلي خير، لما يجسده شهر رمضان من تكافل وتراحم بين المجتمع بمختلف فئاته”.

 

أهازيج دينية

بعبارات التهاني وترديد الأهازيج الدينية وإقامة جلسات الذكر في المساجد والمنازل يستقبل الناس شهر رمضان في ريمة، معبرين عن فرحتهم بقدوم الشهر الكريم ورغبتهم في جعله موسمًا لأعمال الخير لنيل الأجر والمغفرة والرضوان من الله.

 

يقول الحاج محمد يوسف، إن شهر رمضان فرصة كبيرة لتنقية الأرواح والنفوس ومن الضروري استقبال أيامه المباركة بجلسات الذكر والتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة وفعل الخير وتجنب الذنوب.

 

ويضيف يوسف، 65 عامًا، في حديثه لـ”ريمة بوست”، أن ترديد الأدعية والأهازيج الدينية لاستقبال رمضان موروثًا دينيًا ومجتمعيًا اعتاد الناس على القيام به، لما لرمضان من قيمة عظيمة في قلوب المسلمين بشكل عام.

 

تزيين المساجد

قبيل شهر رمضان يقوم أنور يحيى، 29 عامًا، بطلاء المسجد القريب من منزلهم بمادة النورة البيضاء، وهو طقس اعتاد على القيام به برفقة والده كل عام، غير أنه هذه المرة يقوم بتلك المهمة بمفرده بعد وفاة والده العام الماضي.

 

يقول أنور: رش المسجد بمادة النورة البيضاء من الخارج والداخل يعتبر طقسًا من طقوس استقبال رمضان، لكي يبدو المسجد ناصع البياض ومميز خلال هذه الأيام المباركة، وهو تعبيرًا عن الاهتمام ببيوت الله وتهيئتها لشهر الصيام.

 

ويضيف أنور لـ”ريمة بوست” أن طلاء المسجد من الداخل يجعله يبدو بحلة جديدة فتعكس جدرانه البيضاء جمال الاضاءة المستخدمة فيه، مشيرًا أن طلاء الجدران يخفي أيضًا آثار الدخان الناتج عن “الفوانيس” وهي قناديل تقليدية تعمل بمادة الجازولين.

 

وكانت “الفوانيس” التقليدية هي الوسيلة الوحيدة لإضاءة المساجد في مختلف مناطق ريمة، قبل أن يتم الاستغناء عنها خلال العقد الأخير واستبدالها بمصابيح كهربائية أو مصابيح أخرى تعمل بالطاقة الشمسية.

 

الكهرباء والتلفاز

قديمًا لم تكن الكهرباء أو حتى التلفاز شيئًا يهتم بوجوده السكان في أرياف ريمة، ولكن مع تطور الزمن أصبحت اليوم الكهرباء والتلفاز من الاحتياجات التي تزداد حاجة الأهالي إليها قبيل شهر رمضان، حيث يفضل أفراد الأسر قضاء أوقات المساء تحت أضواء المصابيح وأمام الشاشات لمتابعة المسلسلات والبرامج الرمضانية.

 

وبالرغم من حداثة هذه العادة الرمضانية التي لم يمض عليها أكثر من عشرة أعوام إلا أنها أصبحت منتشرة في مختلف المناطق الريفية، بعد أن ساعد توفر منظومات الطاقة الشمسية بأسعار معقولة، إلى تشجيع الأهالي وإقبالهم على شرائها، لا سيما في شهر رمضان.

 

يرى المواطن أحمد السعيدي، أن الأهالي يرغبون في إضاءة مساءات رمضان لقضاء أوقاتهم رفقة أسرهم وضيوفهم ومشاهدة التلفاز خصوصًا مع ارتباط انتاج المسلسلات والبرامج اليمنية بشهر رمضان.

ويشير السعيدي، إلى أن انعدام مادتي الديزل والبترول المستخدمتان لتشغيل المولدات الكهربائية دفع الناس لشراء منظومات الطاقة الشمسية وخفف عنهم أعباء مختلفة، ليعيشوا أوقات ممتعة بين أسرهم وسط أجواء رمضانية فرائحية.