أربعة أيام بلا إنترنت.. أبناء ريمة المغتربين يروون معاناة الانقطاع

مغترب يحزم أمتعتة في الجعفرية/نجم السعيدي
مغترب يحزم أمتعتة في الجعفرية/نجم السعيدي
‏  5 دقائق للقراءة        801    كلمة

لم يكن انقطاع الإنترنت في اليمن مجرد حدث هامشي يمكن أن يتعايش معه المجتمع بسرعة؛ بل كان بالنسبة للكثير أشبه بانتكاسة كبيرة على مستوى الحياة الشخصية أو الحياة العامة، إذ أصبح ذلك الانقطاع محور اهتمامهم على مدى الأيام الماضية؛ بل وحتى اليوم، لما يوفره الإنترنت من خدمات ترتبط بحياة الناس الشخصية إضافة إلى أهميتها في تسيير مصالحهم بشكل عام.

ومع اختلافات الناس وتفاوت احتياجهم لخدمات الانترنت إلا أن المغتربين والقاطنين خارج اليمن بدوا كما لو أنهم الفئة الأكثر تضررًا من انقطاع الإنترنت، باعتباره حلقة الوصل في التواصل مع أسرهم وأهاليهم في الداخل. في هذا الاستطلاع تتناول منصة ريمة بوست، العديد من آراء المغتربين والقاطنين – من أبناء ريمة – خارج الوطن، حول انقطاع الإنترنت وتأثيره على حياتهم.

وحشة الغربة

رياض سعد، 29 عامًا، مغترب بالسعودية، يقول عن تأثير الإنترنت عليه “كنت أترقب هاتفي كل ساعة علّي أرى رسالة تنير الظلام الذي بداخلي. فمنذ انقطاع الانترنت عن اليمن وأنا اشعر بمرارة الغربة ووحشتها أكثر فأكثر فما كان يهونها سوى التواصل مع زوجتي وأطفالي واهلي نهاية كل يوم، بعد عمل شاق ومتعب”.

ويضيف في حديثه لـ”ريمة بوست”، أن بعد انقطاع الإنترنت بدأ بالفعل التفكير في مدى قدرته على تحمّل الغربة الموحشة دونما أي تواصل أو حديث مرئي مع أطفاله وزوجته وأسرته، بعد أن داهمه شعورٌ بثقل الغربة في نفسه، فاقم حالته النفسية التي أنهكتها أيضًا الأنباء المتداولة، حول إمكانية عودة الإنترنت خلال عدّة أشهر.

في سياق ذلك، يقول المغترب أنس البكالي، 43 عامًا، إن انقطاع الإنترنت أثّر حتى على أدائه في العمل، حيث ظل في اليومين الأوليين لانقطاع الإنترنت، بذهنية مشتتة يشغله التفكير العميق حول ما يحدث، وكيف يمكن لأسرته الحصول على المال إذا ما استمر الانقطاع لفترة أطول، في ظل محدودية وجود المصارف في ريمة.

ويرى أنس، أن الإنترنت أصبح أكثر من مجرد خدمة يمكن الاستغناء عنها، لارتباطه الوثيق بحياة المغترب الشخصية وعلاقته الأسرية من خلال تقريب المسافات بينه وبين أهله ومحبيه في اليمن، بعد أن فرضت عليه الأوضاع المادية اختيار الغربة رغم شعور البعد عن الأهل والوطن، وهو شعور لا يعرفه إلا كل من عاشه، حد وصفه.

مواقف صعبة

أما المغترب معاذ علي، 26 عامًا، فلا يخفي أن انقطاع الإنترنت كان حدثًا سيئًا بالنسبة له، حيث تزامن ذلك مع فترة مرض والدته التي تسكن في اليمن، فلم يمضي سوى أيام قليلة على إسعافها من محافظة ريمة إلى أمانة العاصمة صنعاء؛ حتى انقطع الإنترنت، فحال ذلك دون التواصل بها باستمرار للاطمئنان على صحتها.

ويضيف لـ”ريمة بوست” أن الموقف الذي أحزنه كثيرًا هو رؤيته لأسرته بصنعاء وهم بحاجة إلى أموال لعلاج والدته، فيما لا يستطيع إرسال المال بسبب توقف كل المصارف نتيجة خروج شبكة الإنترنت عن الخدمة، وهو موقف سيء لا يحسد عليه، حد تعبيره.

الوضع النفسي الصعب عاشته كذلك، هناء محمد، 38 عامًا، حيث تقيم مع أسرتها في الأردن، تقول “طوال فترة انقطاع الإنترنت وأنا أحمل مشاعر القلق والخوف فلم استطيع الاطمئنان على خالتي المريضة. ورغم شرائي بطاقة اتصال دولية واتصالي بهم إلا أن سوء التغطية هناك لم يساعدني في الاطمئنان على وضعها”.

لكن المؤسف، بالنسبة لهناء، أن خالتها مرضت وفارقت الحياة خلال فترة الانقطاع ولم تعلم بذلك إلا حين عادت خدمة الإنترنت للعمل، إذ لم تستطيع مشاركة عائلتها آلامهم بفقدان خالتها، ما أشعرها بالحزن والأسى على ما حدث، حد تعبيرها.

توجّسات تنهك البال

لم يختلف الأمر لدى أدهم منصور، 34 عامًا، مغترب في الأردن، حيث يقول، إن انقطاع الانترنت أثر عليه حياته بشكل سلبي، حيث لم يقتصر تأثيره على تواصله بأسرته وحسب؛ بل في عدم قدرته على متابعة الأوضاع في اليمن من خلال مواقع التواصل الاجتماعي لا سيما موقعي فيسبوك وتويتر.

ويشير أدهم، إلى أنه عاش عزلة عن العالم كما لو أنه يعيش في اليمن، لافتًا إلى أن بيئة اهتمامه على مواقع التواص الاجتماعي كلها هم من اليمنيين، وحين انقطع عليهم الإنترنت، شعر كما لو أنه يعيش وحيدًا، غير مدرك لما يحدث في وطنه من مستجدات وغيرها، ما أثار قلقه وجلب له التوتر الدائم.

فيما لا يخفي المغترب في عُمان، خالد يوسف، 38 عامًا، أن الانقطاع المفاجئ للإنترنت ترك في عقله الكثير من التكهنات والتوقعات السلبية، فأحيانًا يعتقد أن هذا الانقطاع مقدمةً لأحداث سيئة قد تتعرض لها اليمن، وأحيانًا أخرى يظن أن هناك مخاطر محدقة باليمن والمجتمع ولا يراد للعالم أن يعرف ما يحدث.

ورغم تعدد القصص المختلفة التي عايشها المغتربون خارج اليمن خلال فترة انقطاع الإنترنت إلا أنهم يتفقوا على أن الإنترنت النافذة التي يطلّون منها كل يوم للاطمئنان على أهاليهم ومحبيهم، ما يخفف عنهم وطأة الغربة، كما إنه الوسيلة التي تساعدهم في متابعة أحوال وطنهم عن قرب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.