4 دقائق للقراءة 727 كلمة
ريمة بوست/ سياف المسوري
بنشاط وحيوية يتنقل أبو محمد المسوري،28 عامًا، بين شتلات نبات “الخيار” في محميته الزراعية الصغيرة الواقعة في عزلة مسور بمزهر ريمة، وفي يده “الشريم” (أداة لقطع النبات)، وما أن ينتهي من قطف الثمار وري النبات حتى يجلس على مقعده المعتاد ليأخذ قسطا من الراحة، واضعا بين يديه كتبه الدراسية التي لا تفارقه معظم أوقاته.
تبادلت معه الحديث عن حياته وقدرته على المراوحة بين العمل بالزراعة والدراسة الجامعية ومسؤولية إعالة الأسرة، فأحبَ في ذات الوقت أن يكون حديثنا ممزوجا برائحة الشاهي وطعم ثمار الخيار الذي زرعته وقطفته يداه. فكان طعمه لذيذا وله نكهة فريدة ومختلفة عما نشتريه من سوق الخضار.
السعي نحو المستقبل
كان يعيش أبو محمد المسوري، مع زوجته وأطفاله الأربعة، في العاصمة صنعاء، لم يمتلك وظيفة حكومية أو خاصة، أو يعتمد على مصدر دخل أساسي يعول به أسرته، إلا أن ذلك لم يمنعه من الالتحاق بالجامعة وتحقيق درجات عالية، وهو الأمر الذي يعتمد على قدرته في المراوحة بين هذا وذاك.
إذ يذهب صباحا للدراسة في الجامعة، ويعمل من بعد الظهر وحتى بعد الغروب بسيارته الأجرة (تاكسي) في شوارع صنعاء، لتوفير احتياجات أسرته ومصاريف الدراسة، بينما يخصص المساء وقتا للجلوس مع أسرته ومطالعة دروسه الجامعية وتقوية مهاراته.
“مررت بتجارب عدة في الحياة ولدي مهارات متعددة فأنا حاليا والى جانب الجامعة أعمل في مجال التصميم الجرافيكس ولدي دبلوم من المعهد العام للاتصالات الى جانب الرخصة الدولية لقيادة الحاسوب عندي دبلوم في التسويق ودبلوم في اللغة الإنكليزية” يقول أبو محمد.
ويضيف في حديثه لـ”ريمة بوست”: “درست العديد من الدورات التدريبية في مجالات مختلفة لأني أؤمن أن معركة الوجود تحتاج مني أن أستعد لها بكل طاقتي”.
ظل يكافح ظروف الحياة بين متطلبات الدراسة ومسؤولية إعالة الأسرة، حتى ظهرت جائحة كورونا، وأثرت على حياته بشكل مباشر، حيث توقفت الدراسة وتراجع مستوى العمل وهو ما جعله يبحث عن عمل أخر يوفر من خلاله احتياجات الحياة المعيشية.
حلول ناجحة
لم يستسلم للظروف الطارئة والإجراءات التي فرضها فيروس كورونا (كوفيد19) بل قرر العودة إلى ريمة، وهناك أنشأ محمية زراعية صغيرة لنبات الخيار واستطاع أن يوفر منها احتياجاته. يشير: “بعد ما غلقت الجامعة قررت انزل البلاد أزرع إلى حين تفتح الجامعة من أجل اوفر المصاريف لي ولأسرتي والحمدلله أمور الزراعة لا بأس بها”.
ويستدرك أن المشكلة تكمن في عدم وجود تشجيع للمجال الزراعي من قبل الجهات المختصة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالزراعة. ويرى أن منطقة مسور بمديرية مزهر مؤهلة وصالحة لزراعة العديد من أنواع الفواكه والخضروات، غير أن المواطنين لا يمتلكون المواد الأولية التي تشجعهم في الاستمرار كالبذور والبيوت المحمية الخاصة بزراعة النباتات والخضروات.
ويعتقد أبو محمد أنه لو توفرت هذه المواد والأدوات الزراعية ستحدث نقلة نوعية في المجال الزراعي في المنطقة وهو الأمر الذي يساهم في تحسين الحالة المعيشية للكثير من الأسر.
يعمل كل يوم في محميته الزراعية، ويقوم بري نبات الخيار وقطف ثماره وبيعه، لتحسين مستوى دخله، لكنه في الوقت ذاته يقوم بمراجعة كتبه الدراسية، حيث يقول إنه متى يتم إعادة فتح الجامعات وعودة الطلاب للدراسة، سيسافر إلى صنعاء لإكمال مشواره التعليمي الذي بدأه.
رغم كفاحه المستمر للتغلب على ظروف الحياة الصعبة، إلا أنه ما زال مفعما بالأمل ولم ينسى أهدافه العلمية التي يسعى لتحقيقها، إضافة إلى عمله الدؤوب للحصول على كل حقوقه كواحد من شباب اليمن المؤهلين والقادرين على صناعة المستقبل. وكحلم ما زال ينتظره الجميع يختم حديثه بعبارة إنجليزية يحفظها”I dream of a secure homeland in which we have all our rights” ( أحلمُ بوطن آمن نحظى فيه بكل حقوقنا).