بسرعة متوسطة، كان عبدالرحمن، يقود سيارته عصر يوم غائم، وهو يسير في طريق بيت الفقيه – الجعفرية، عائدًا مع زوجته وأولاده من صنعاء إلى مديرية كسمة لقضاء إجازة العيد برفقة أمه وأبيه، بعد أن قضى في الغربة أكثر من أربعة أعوام. وبينما كان الحنين يلامس روحه التوّاقة للحظة الوصول، تفاجئ بوجود منعطف خطرٍ، اضطره لدوس مكابح السيارة بشكل مفاجئ، ما تسبب بإصابة زوجته وأطفاله بكدمات متوسطة، وإثارة الذعر والخوف في نفوسهم.
يقول عبدالرحمن محسن، 27 عامًا، إن منعطف خطر ومفاجئ – لم يتنبّه له – في الطريق الرئيسي بأطراف مديرية الجعفرية، دفعه لدوس مكابح السيارة حتى فقد السيطرة عليها، حيث تزحلقت وتوقفت في نهاية الأمر بجانب الطريق، ما تسبب بإصابة زوجته وأطفال بكدمات ورضوض متوسطة، لكنه يرى أن ذلك أهون من القفز بالسيارة خارج الطريق في هاوية جبلية سحيقة تحيل عيدهم إلى مأتم.
ويضيف لـ”ريمة بوست”: “أنا لا أعرف الأماكن والمنعطفات الخطرة في تلك الطريق، وقد مرّت أكثر من خمسة أعوام على مروري فيها، لذلك كنت أقود دون علم بما قد يواجهني من منحدرات أو منعطفات خطرة، فتعرضت أنا وأسرتي بإصابات متوسطة، ولكن الحمد لله نجونا من حادثة السقوط خارج الطريق”. مشيرًا إلى أن من المفترض وجود علامات إرشادية للسلامة المرورية على جانبي الخط ترشد السائق أثناء القيادة، ليتعرّف على المنعطفات التي قد تفاجئه وتتسبب بوقوع حوادث مؤسفة.
ضحايا حوادث الطرقات
تزايدت خلال الفترات الماضية الحوادث المرورية في طرقات محافظة ريمة، غير أن حوادث انقلاب السيارات في طرقات السير كانت أكثر فتكًا بالأرواح، حيث تسببت بوفاة العديد من الأشخاص وإصابة العشرات، أخرها إصابة ثمانية أشخاص آثر حادث بسيارة دفع رباعي بمديرية السلفية
يرى جلال محمد، 32 عامًا، سائق سيارة، أن معظم حوادث انقلاب السيارات في الطرقات الجبلية يكون سببها الرئيسي السرعة الزائدة في مناطق ومنحدرات صعبة تفاجئ السائق – الذي يمر فيها لأول مرة – فيفقد قدرته في السيطرة على السيارة، ما ينتج عن ذلك خروج السيارة عن الطريق وانزلاقها خارج الطريق والسقوط في مناطق جبلية وعرة.
ويضيف لـ”ريمة بوست” أن السائقين بحاجة إلى إتباع إرشادات السلامة المرورية أثناء القيادة في المناطق الجبلية من أجل الحفاظ على حياة المواطنين، مشيرًا إلى أن “القيادة أيضا في الطرق الفرعية الوعرة مخاطرة كبيرة، حيث لا تمر فيها سوى سيارات الدفع الرباعي، ويحتاج المرور فيها لخبرة كبيرة وقدرة عالية على تجاوز الصعوبات”.
وتسببت الحوادث المرورية في ريمة العام المنصرم 2020م، بوفاة 16 شخصًا وإصابة 160 آخرين في مختلف المديريات، وتوزعت – بحسب بلاغ سابق لمدير إدارة المرور العقيد معين الحباري – على ٣٥ حادث صدام آليات وستة حوادث صدام دراجات نارية و٢١ انقلاب وتسعة دهس وستة سقوط، كما تسببت في خسائر مادية بلغت 22 مليون و241 ألف ريال.
السير في المجهول
صعوبات عديدة تواجه حركة السير في ريمة غير أن أبرزها بحسب جلال محمد، سائق سيارة، افتقار الطرقات إلى لوحات وإرشادات السلامة المرورية التي تساهم في التعريف بالمنعطفات والمنحدرات ومناطق الانزلاقات الصخرية، حيث أن معظم ضحايا الحوادث خصوصًا الوفيات قضوا بسبب سقوط السيارات في منعطفات جبلية نتيجة جهل السائقين بها.
ويشير جلال، إلى أن الأمطار الغزيرة، تسببت بتساقط الكتل الصخرية والترابية في الطرقات، ما يعرقل حركة السير ويفاقم الصعوبات والمخاطر التي يعاني منها السائقين، إذ تساهم بشكل أو بآخر في وقوع الحوادث المرورية، سواء حوادث اصطدامات أو انقلابات خارج الطريق.
ويردف: “بعض السائقين وخصوصًا الذين يأتون من خارج ريمة كزوار أو عائدين إلى مناطقهم، يقعون في جهل بمخاطر المنعطفات الخطرة والمفاجئة، حيث يقودون بسرعة، ما يجعلهم عرضة للقفز والسقوط خارج الطريق، بالذات أن تلك المنعطفات والمنحدرات الخطرة تفتقر إلى إرشادات تحذيرية أو حواجز صد، تساعد في منع سقوط السيارات وتخفف الخسائر التي قد تحدث أثناء الاصطدام”.
من جهة أخرى، يوضح طارق البدجي، رئيس قسم الحوادث في إدارة المرور بريمة، أن الطرقات الجبلية تشهد حوادث مرورية كثيرة بسبب صعوبتها وقلة الوعي لدى السائقين بصيانة السيارة والمخاطر التي قد تواجههم أثناء السفر، إذ يقود بعضهم بسرعة لا تتلاءم مع صعوبات الطريق التي يتكون من منعطفات ومنحدرات خطرة تتسبب بفقدان السيطرة على مكابح السيارة، خصوصًا أثناء النزول في الطرقات الجبلية.
وبهدف تعزيز الوعي المروري وتوفير الخدمات المرورية للمواطنين، أورد بلاغ لفرع المرور بريمة نشرته وكالة سبأ الرسمية مطلع هذا العام، أن إدارة مرور المحافظة منحت خلال العام الماضي 2020م، 704 رخصة قيادة للسائقين، وأصدرت ٧٢٨ وثيقة نقل ملكية وثلاثة ألف و٢٠١ وثيقة تجديد كرت سيارات و١٨٢ لوحة ترقيم السيارات.
متطلبات السلامة
في حديثه لـ”ريمة بوست” يؤكد طارق البدجي، أن من أبرز الحلول التي تساعد في الحد من الحوادث في الطرقات الجبلية؛ هي بناء حواجز اسمنتية على جانب المناطق الخطرة لتفادي السقوط وتخفيف الخسائر، إضافة إلى وضع لوحات إرشادية تحذيرية على الطرقات، حيث تساعد السائقين الغرباء أو قليلي الخبرة على القيادة بهدوء وحذر لتفادي المخاطر التي قد تواجههم.
ويستشهد البدجي أن “بالرغم من الحوادث المرورية التي كانت تقع بشكل متكرر على طريق الرباط – الجبين، إلا أن الحواجز الإسمنتية التي تم وضعها في بعض المنعطفات الخطرة، واللوحات الارشادية التحذيرية التي وضعت على طول الطريق؛ ساعدت بشكل ملحوظ في تقليل نسبة الحوادث وتقليص الخسائر البشرية والمادية”.
عن دور مكتب الأشغال العامة والطرق في هذا الشأن، يقول محمود أمين، مدير عام مكتب الأشغال العامة والطرق، إن المكتب ليس له أي اعتمادات وإمكانيات مالية لمشاريع بناء حواجز وحاميات وتنفيذ لوحات إرشادية وتحذيرية على الطرق، مشيرًا إلى أن تنفيذ هذه المشاريع في الطرقات الرئيسية، هو من اختصاص المؤسسة العامة للطرق والجسور وصندوق صيانة الطرق.
ويضيف لـ”ريمة بوست” أن في الوقت الحالي تقوم المؤسسة العامة للطرق بصيانة وبناء بعض الحاميات والحواجز التي تضررت نتيجة الأمطار والسيول العام الماضي في الطريق الرئيسي الرباط – الجبين.
بالمقابل يرى المهندس مسعد مقوله، مدير فرع المؤسسة العامة للطرق والجسور بريمة، إن أي حلول لوضع حد لحوادث السيارات في طرقات المحافظة لن تنجح، ما دام السائقين يقودون بتهور، مشيرًا إلى الاجراءات التي قامت بها المؤسسة في طريق الجبين “عملنا حواجز حجرية برفع الجدران عن منسوب الطريق، ثم عملنا الحواجز المعدنية، ثم الحواجز الخراسانية”.
وعن الدور المنوط بالمؤسسة القيام به بشأن الحواجز والإرشادات التحذيرية التي تساعد في التخفيف من الحوادث الناتجة عن مخاطر الطرقات في معظم مناطق ريمة، فضّل المهندس مسعد مقوله الصمت وعدم الرد، تاركًا أسئلتنا عالقة دون إجابة رغم إصرارنا المتكرر عليه، ليبقى باب التساؤل مشرعًا أمام الجميع، ما إذا كانت هناك حلول عملية تلوح في الأفق لتبدد مخاطر الطرقات أم لا؟