ما إن يداهم المرض أحد ساكني عزلة مسور وما حولها من القرى، حتى يتجشم عناء السفر لما يقارب 25 كيلو متر عبر طرق جبلية وعرة، بغية الوصول إلى منطقة يفعان (سوق السبت) للحصول خدمات طبية أولية أو السفر إذا تطلب الأمر إلى أحد مستشفيات مدينة الشرق التابعة لذمار، بالمرور عبر الطريق الرئيسية التي تمر من المنطقة ذاتها (يفعان) وتربط مديريتي مزهر والسلفية بمحافظة ذمار.
يقول مختار قاسم، مواطن من عزلة مسور، إن السفر إلى منطقة يفعان التابعة لمديرية السلفية، يحتاج إلى قطع مسافة تقارب 25 كيلو متر، عبر طريق جبلية وعرة، لا تستطيع سوى السيارات ذات الدفع الرباعي اجتيازها، إضافة إلى انقطاعها في بعض الأحيان جرّاء السيول.
ويضيف لـ “ريمة بوست”: “نعاني دائما من صعوبة السفر إلى يفعان أو مدينة الشرق بسبب بُعد الطريق ووعورتها، فهي تمر عبر وادي مزهر وبني الواحد وبني القرضي ونوفان والمشارعة وصولا إلى سوق السبت بيفعان، الأمر الذي يفاقم معاناتنا خصوصا عندما نريد اسعاف أحد المرضى”.
ويستطرد مختار، أن تلك الصعوبات دفعت الأهالي لإطلاق مبادرة مجتمعية لشق طريق أخرى تختصر تلك المسافة الطويلة، بطول يقارب 4 كيلو متر، تربط مناطق عديدة في مزهر بسوق السبت يفعان بمديرية السلفية، مشيرًا أن عملية الشق بدأت وحققت ما يزيد عن نصف كيلو متر، لكنها مهددة بالتوقف بسبب ارتفاع تكاليف المشروع وشحّة التمويل.
ولا يخفي في حديثه، أن “العمال في شق الطريق لم يستلموا أي مستحقات مالية نظير عملهم منذ ثلاثة أسابيع بسبب شحة الإمكانيات المادية التي بالكاد تغطي نفقات شراء الأدوات والمعدات إضافة إلى المواد البترولية والاحتياجات الضرورية لعملية الشق”، معتبرًا توقف المشروع أمرًا يبعث القلق كون هذي الطريق تمثل بارقة أمل للجميع، حد وصفه.
صعوبات تبددها سواعد الرجال
وبالرغم من طول الطريق القديم ووعورتها إلا أنها محاطة بصعوبات أخرى، إذ أن السيول في وادي مزهر تقوم بجرفها في بعض الأحيان، ما يتسبب بإغلاقها أمام المسافرين، ومفاقمة معانتهم، خصوصًا أن أهمية منطقة سوق السبت بيفعان تكمن في كونها حلقة وصل بين مديريتي مزهر والسلفية ومدينة الشرق بذمار، إضافة إلى أن سوق السبت هو السوق الذي يحصل منه المواطنون على احتياجاتهم الأساسية من مواد غذائية وغيرها.
تلك الصعوبات كانت حافزًا محوريًا للسكان لتعزيز تعاونهم وتكاتفهم من أجل تجاوزها، أسوةً بالعديد من المناطق التي نشطت فيها المبادرات المجتمعية ونفذت مشاريع مختلفة لخدمة المجتمع، خصوصًا خلال السنوات الخمس الأخيرة التي تسببت فيها ظروف الحرب بتدهور الوضع الاقتصادي في مختلف المجالات.
تتويجًا لذلك التعاون أطلق السكان خلال الشهرين الماضيين مبادرة مجتمعية لشق طريق أخرى تربط منطقة مسور وما حولها من قرى مزهر، بمنطقة سوق يفعان بمديرية السلفية، بحيث ستختصر الطريق الجديدة التي يبلغ طولها ما يقارب 4 كيلو متر، أكثر من 25 كيلو وهي مسافة الطريق القديمة.
يقول ابراهيم المسوري، أمين صندوق مبادرة شق طريق (وادي مزهر – رافه – السلفية)، إن الطريق الجديدة التي يتم تنفيذها بتمويل من الأهالي، تمر بمحاذاة جبل “مدراء”، بحيث تكون مرتفعة وبعيدة عن مجرى السيل، وذلك تفاديا للخطأ الذي ارتكب العام الماضي إذ جرفت السيول الطريق التي قد تم شقها في تلك الفترة.
ويضيف لـ”ريمة بوست”، أن الطريق شريان حياة للعديد من العزل والقرى بمديرية مزهر وتربط بين مديرية مزهر والسلفية ومنهما إلى المحافظات الأخرى، مشيرًا في الوقت ذاته، أن عملية شق الطريق قد وصلت إلى ما يزيد عن نصف كيلو متر، ولا يزال العمل مستمرًا رغم الصعوبات الكبيرة التي تتمثل في صعوبة التضاريس الجبلية التي يمر عبرها الطريق.
آمال السكان بين شحة التمويل ومخاوف التوقف
بعد لحظة تفكير، يخشى المواطن عادل محمد، أن يتسبب نقص التمويل في توقف العمل في شق طريق (وادي مزهر – رافه – السلفية) التي يعتبرها أحد المشاريع المهمة التي ستخدم مديرية مزهر وستوفر عناء السفر عبر الطريق القديمة للكثير من سكان عزل وقرى مزهر، داعيًا الأهالي إلى بذل ما بوسعهم للتبرع ودعم استمرار المشروع.
بالمقابل، يوضح إبراهيم المسوري، المسؤول المالي في مبادرة شق الطريق، أن بالرغم من تفاعل الأهالي مع عملية جمع التبرعات لصالح الطريق إلا أن ما تم جمعه حتى الآن وصلت حدود 4 مليون ريال يمني، في حين تبلغ ميزانية الطريق أكثر 30 مليون ريال، مرجعًا السبب إلى صعوبة الجغرافيا الجبلية التي تعيق عملية الشق، وتضاعف الكلفة المادية، خصوصًا مع ارتفاع احتياجات المشروع من مواد بترولية وآلات شق وغيرها.
بعد ما يقارب شهرين من بدء عملية الشق، أصبحت اليوم مهددة بالتوقف نتيجة قلة التمويل، الأمر الذي يحتاج إلى تكاتف فاعلي الخير من أبناء ريمة وغيرهم من اليمنيين الاستكمال الطريق التي تعتبر شريان أساسي يخدم آلاف السكان في مناطق (وادي مزهر، يالول، سيلة الهادي، نعوم، العارضة، مدرا، حودون، جبر عشر، بني الجدهني، بني العامري، بني عقيل) وغير ذلك من عزل وقرى مديرية مزهر. يضيف المسوري.
ويشير في حديثه لـ “ريمة بوست”، أن هناك تعاون إيجابي من قبل الجهات الحكومية في المديرية، لكنها لم تقدم شيء حتى الآن بسبب انعدام الإمكانيات، لكن المبادرة ستسعى للحصول على دعم حكومي لتوفير معدات شق ثقيلة على الأقل، حد قوله، مؤكدًا أن الأمل في دعم المشروع معقودٌ على تكاتف أبناء المجتمع بشكل عام، إذ ما يزال يؤمن أن الرجال الخيرين لن يخذلوا آمال المواطنين بالتخفيف من معاناتهم من خلال دعم استمرار عملية شق الطريق حتى النهاية، متمنيًا أن يكون هناك تفاعلا يحقق تطلعات الجميع.