6 دقائق للقراءة 1072 كلمة
ريمة بوست/خاص
“عندما تخرجت من الثانوية، انتقلت كــ غيري من الشباب لمرحلة أخرى مليئة بالخطط لأستغل الوقت لتنمية مهاراتي والتطوير من نفسي… ولكن ما بعث فيّ الإحباط هو افتقار محافظتي للمعاهد التدريبية والمهنية” هكذا تتحدث ابتسام (19 عامًا) عن مسيرتها العلمية وحاجتها الضرورية لوجود معاهد تدريبية تتيح لها ولغيرها من الشباب الحصول على تدريب في المجالات التي يهتمون بها والتي تساعد في صقل مهاراتهم وتؤهلهم لسوق العمل.
تُعاني ابتسام وغيرها من الشباب فيمناطق ريمة من افتقار المحافظة لمعاهد تدريبية فنية ومهنية تحتضن مخرجات التعليم بعد المرحلة الثانوية، وتتيح لهم الفرص لاكتساب مهارات جديدة. حيث يشير بعض الشباب أنهم يمتلكون العديد من المهارات التي يتمنون تطويرها وتنميتها للاستفادة منها وممارستها، إلا أن ذلك يضطرهم للسفر إلى محافظات أخرى للالتحاق ببعض المعاهد.
طموحات في مواجهة صعوبات الواقع
إلى ذلك تؤكد العشرينية آية العواضي، أن بعد تخرجها في نهاية العام 2019م كانت تستعد للسفر إلى العاصمة صنعاء من أجل الالتحاق بدراسة اللغة الإنجليزية لكنها تراجعت عن السفر بعد افتتاح معهد (Education first) لتعليم اللغة الإنجليزية في مديرية الجبين.
وتضيف في حديثها لـ “ريمة بوست”: “أسعدني جدًا هذا الأمر خصوصًا أني شغوفه جدًا لهذا المجال فكنت من أول المسجلين والحاضرين حيث كان هناك إقبال كبير لم أكن أتوقعه إلا أن البعض أيضًا تقدموا للالتحاق في مجالات أخرى وللأسف لم تكن موجودة”.
في السياق ذاته، تقول فاطمة السلمي وهي معلمة لغة انجليزية، إن عند افتتاح معهد تعليم اللغة الإنجليزية في الجبين كانت تسكن في مدينة الحديدة وقد قامت إدارة المعهد باستدعائها للعمل فيه بسبب عدم توفر كادر مؤهل في المحافظة.
وتضيف في حديثها لـ”ريمة بوست”، أن بالرغم من الصعوبات التي واجهتها في الجبين من حيث الغلاء المعيشي وارتفاع ايجار السكن، إلا أنها استمرت في التدريس، إذ أن الاقبال الكبير للطلاب الذي بلغ عددهم ما يقارب 400 طالب وطالبة خلال فترة وجيزة، مثّل لها حافزًا كبيرا _حد تعبيرها_ على الاستمرار في العمل بالمعهد.
وتستدرك، أن ما أثار استغرابها هو التقلص الكبير في عدد الطلاب كلما استمرت الدورات بالتقدم، حيث إن غالبيتهم توقفوا عن الدراسة وبقي القليل فقط لاستكمال دبلوم اللغة الإنجليزية، مُرجعةً السبب في الوقت ذاته، إلى “صعوبة الوضع المعيشي خصوصًا في ظّل الأوضاع الراهنة، الأمر الذي ساهم في إغلاق المعهد بعد 7 أشهر من افتتاحه”.
المعاهد الفنية والمهنية احتياج لتعزيز فرص العمل
إلى ذلك، يشير صالح الحاج، معلم تربية إسلامية، إن على الرغم من كونه موظف حكومي ويحمل شهادة جامعية إلا أن انقطاع الرواتب منذ أعوام وتدهور وضعه المعيشي دفعه لممارسة مهنة “كهربائي” لتكون مصدر دخل له.
ويضيف لـ”ريمة بوست” أنه يمارس هذه المهنة بعد خبرة اكتسبها مع الوقت، لكن “أتمنى لو كان هناك معاهد تدريبية مهنية وتقنية لمثل هذه المجالات حتى أستطيع تطوير نفسي أكثر والاستفادة من المهارات في سوق العمل”.
من جهة أخرى ترى فاطمة السلمي، أن محافظة ريمة بحاجة إلى معاهد مختلفة في المجال المهني والفني والتقني بحيث تلبي احتياجات الشباب بشكل عام سواء خريجي الثانوية المتعلمين أو غيرهم ممن لم يلتحقوا بالتعليم والذين تزيد حاجتهم للتدريب في المجالات المهنية والفنية والتقنية.
وتؤكد من خلال تجربتها الشخصية: “رغم أني أحمل شهادة جامعية عالية إلا أنني الآن أُعاني من البطالة ولم يساعدني على إعالة عائلتي سوى مهارتي المكتسبة من أحد المعاهد في مجال التطريز والخياطة”. موضحةً أن الحصول على مهنة في هذه الأوقات أفضل من أي دراسة جامعية في ظل الركود الاقتصادي الحاصل وعدم وجود وظائف في القطاعين الخاص والعام.
بالرغم من أهمية تلك المعاهد الفنية والمهنية في ريمة إلا أنها تعاني الإهمال منذ عدة سنوات، ليصل الأمر حد إغلاقها في الغالب، وهو ما يعانيه حاليا المعهد التقني التجاري في بني أبو الضيف بالجبين، إذ حالت الظروف المالية دون مواصلته العمل، ليصبح شبه متوقف، بحسب مصدر في إدارة المعهد.
جهود لتفعيل المعاهد بعد ركود دام لسنوات
في السياق ذاته، يقول عبد الباري الحسني، مدير عام مكتب التعليم الفني والمهني بريمة، إن المعاهد المهنية والتقنية في ريمة مغلقةً منذ 12 عامًا وهو الأمر الذي أدى إلى تلف العديد من المعدات والتي تعرضت لسوء التخزين، مشيرًا أن بالرغم من ذلك فقد بدأ تفعيلها، حد قوله.
ويضيف لـ “ريمة بوست”، أن المكتب بدأ تفعيل تلك المعاهد، من خلال افتتاح ثلاثة مراكز في محافظة ريمة وتضم مجالات مهنية وتقنية مختلفة، موضحًا أن في مديرية الجبين تم توفير مبنى وسكن طلابي وكادر تدريسي مؤهل إضافة إلى توفير 200 مقعد دراسي و 45 جهاز كمبيوتر ومولد كهربائي، بحيث يضم المركز العديد من المجالات أهمها اللغة الإنجليزية والحاسوب والصيدلة والمختبرات والخياطة والتطريز.
ويؤكد الحسني، أن الجهود ما زالت مستمرة لافتتاح معهدين فنيين آخرين في مديريتي كسمة ومزهر، يضمان قسم الخياطة والتطريز، إذ أن المرحلة الأولى والتي تتمثل في تأهيل المعهدين وتجهيز مكائن الخياطة قد استكملت، ويتم حاليا العمل على توفير كادر تدريبي مؤهل وسيعقب هذه الخطوة التدشين والافتتاح.
إلى ذلك، يشير الحسني، إلى أن “هناك بعض المعوقات التي تواجهنا مثل عدم توفير مباني وعدم وجود النفقات التشغيلية لكننا نسعى جاهدين لأن ننهض بريمة بحيث يكون لنا دور فعال لأنني أعلم حاجة الشباب القصوى للتدريب والتأهيل بشهادات معتمدة ليخرج لسوق العمل بشكل جاهز”.
موضحًا في الوقت ذاته، أنه يسعى لانطلاقه جيدة مع بداية هذا العام لافتتاح العديد من المعاهد والتي تضم العديد من المجالات مثل تربية النحل والحدادة والنجارة والميكانيك والهندسة الكهربائية والدراسة البيولوجية للأرض والحرف التقليدية. بالمقابل يظل الطلاب في ريمة على قيد الانتظار آملين تحقيق تلك الوعود التي ستسهم في إعادة الاعتبار للتعليم الفني والمهني بعد أن عانى ركودا كبيرا خلال السنوات العشر الماضية.