ريمة بوست/ إيناس علي
“هذا العيد مااحس فيه فرحه ابداً… أنا فرحتي بنتي وعيالها يعيّدو معي لكن هذا العيد ماشي اقدرت تجي”. ببسمة ذابلة تصف الأم مريم العروس 59 عامًا، شعورها صباح أول أيام العيد، بعد أن حالت الظروف دون عودة ابنتها التي تسكن مع أولادها بالعاصمة صنعاء، إلى ريمة لقضاء أيام العيد.
اعتادت “مريم” قضاء أيام العيد كل عام في منزلهم بالجبين رفقة ابنتها التي تسكن مع أولادها في العاصمة صنعاء، لكن هذه المرة، حد قولها، لم تستطع ابنتها العودة بسبب ارتفاع أسعار المواصلات بشكل كبير، خصوصًا أن لديها أربعة أولاد، وهو الأمر الذي يتطلب تكاليف أعلى، ليس لها القدرة المادية على تحملّها.
تضيف لـ”ريمة بوست”: “من قبل اسبوع وبنتي تتصل لي وتقول لي إذا رخص البترول إن شاء الله نطلع البلاد، لانه الراكب من 12 الف ومعي 4 عيال”. بقيت تنتظر انخفاض أسعار البترول عسى تكتمل فرحة العيد بإجتماع العائلة على مائدة واحدة، كونها تعتبر العيد فرصة لرؤية ابنتها التي تسكن بعيدة عنها، لكنه ظل ناقصًا ولا يبعث في قلبها السرور.
“تمنيت وجودهم كثيراً ومشاركتهم فرحتي لكن لن أحرج أحد فأنا أكثر دراية بالوضع المعاش عند الجميع لأنه الوضع صعب وليس هناك رواتب”.
يرى الكثير من أبناء ريمة الساكنين في مدن يمنية أخرى، الأعياد فرصةً جيدة للعودة لقضاء أيام العيد وسط أقاربهم وأهاليهم، والاستمتاع بالأجواء الريفية الجميلة، غير أنه ومع ارتفاع أسعار المواصلات _من وإلى ريمة_بشكل جنوني، تراجع غالبيتهم عن السفر، وعاشوا بفرحة غير مكتملة، في حين لا يختلف الحال كثيرا لدى أهاليهم الذين ينتظرون عودتهم.
وهو ما يؤكده، أبوبكر أحمد، 28 عاما، حيث كان ينوي السفر مع زوجته لقضاء أيام العيد وسط أهله بمديرية مزهر، لكنه استصعب الأمر حين وجد أن سعر مواصلات الشخص الواحد من محافظة إب (وسط اليمن) إلى منطقته، يصل أكثر من 15 ألف ريال، أي يحتاج لما يقارب 50 دولارا تكاليف الذهاب، إضافة إلى المصاريف الأخرى، ما يشكل عبئًا ماديًا عليه.
ويضيف، أن تكاليف السفر إلى ريمة والعودة منها، يكلّفه أكثر من دخله الذي يحصل عليه من عمله لشهرين، لكنه في الكثير من الأحيان يجازف بالسفر رغبة في قضاء أوقات ممتعة مع والده ووالدته وأسرته، خصوصًا في عيدي الفطر والأضحى.
في السياق ذاته، تُبدي فتحية القطاع، 48 عامًا، انزعاجها من اعتذار أهلها وأقاربها القاطنين بريمة عن حضور حفل زفاف نجلها، الذي سيقام في ثالث أيام العيد بمنزلهم بصنعاء، تقول: “انتظرت أهلي وأقاربي ليشاركوني فرحة زفاف ابني، ولكن فرحتنا ستكون ناقصة لأنهم اعتذروا عن الحضور بسبب ارتفاع أسعار وسائل المواصلات فوق قدرتهم المالية”.
وتضيف: “تمنيت وجودهم كثيراً ومشاركتهم فرحتي لكن لن أحرج أحد فأنا أكثر دراية بالوضع المعاش عند الجميع لأنه الوضع صعب وليس هناك رواتب”.
من جانب آخر، عيضه السحاري، أحد سكان باجل، يقول لـ”ريمة بوست”، إنه يصطحب عائلته في كل عيد في رحلة ترفيهية إلى جبال ريمة هربا من حرارة الجو في باجل، وإنه يحب كثيرا التنزه في مناطقها الخضراء والاستمتاع بطبيعتها الخلابة وجوها البارد.
ويستدرك: “هذا العام سيارتي لا يوجد فيها بترول وأنا لا أحتمل الإنتظار والمساربة في محطات البترول الذي تدوم ليومين وقد ربما ينتهي البترول قبل أن يأتي دوري. بينما في السوق السوداء أسعارها مرتفعه جداً، وربما أني سأقضي هذا العيد في باجل في خضم الحر”.
في حين يشير”السحاري”، أنه ما زال يأمل أن تتوفر مادة البترول أو ينخفض سعرها في السوق السوداء لكي يستطيع السفر مع أسرته إلى ريمة لتغيير الجو والتخفيف من معاناة الحر الذي يعيشها رفقة أسرته وأطفاله.
وتعتبر ريمة متنفسًا خصبًا لمعظم سكان مدينة الحديدة، غربي اليمن، لما تمتاز به من أجواء معتدلة ومناظر طبيعية خلابة في موسم الصيف الذي يتزامن في الغالب مع عيدي الفطر والأضحى، حيث يتوافدون إليها كل عام في رحلات ترفيهية قصيرة مع أسرهم، هربًا من حرارة الجو في مدينتهم الساحلية.
أزمة المشتقات النفطية تهدد رزق سائقي المركبات
بالمقابل يشكو سائقو مركبات النقل بريمة، من تداعيات انعدام المشتقات النفطية، وآثار ذلك عليهم، حيث يتدنى مصدر دخلهم الوحيد، ويتوقفون عن العمل لأيام نتيجة عدم قدرتهم تغطية الفجوة الحاصلة بين تكاليف السفر من بنزين وغيره، وأجور النقل التي يحصلون عليها. إذ فاقمت الأزمة معاناتهم، حيث يضطر بعضهم للانتظار في طوابير طويلة أمام المحطات ليومين إلى ثلاثة أيام من أجل الحصول على 30 لتر من البنزين، في حين يفضّل البعض الآخر شراءها من السوق السوداء بأسعار باهضة، وقد تكون مغشوشة تتسبب في أعطال في سياراتهم، ما دفعهم إلى تعويض تلك المعاناة من خلال رفع أسعار النقل والمواصلات.
يقول، نايف يحيى، 33 عاما، سائق سيارة نقل، أنه أحيانًا يضطر لشراء 20 لتر من مادة البترول، من السوق السوداء، بحدود 20 ألف ريال، أي ما يقارب 35 دولارا، ما يجعله يرفع سعر المواصلات للشخص الواحد من صنعاء إلى الجعفرية إلى 12 ألف، ورغم ذلك يشير أنه لا يحقق أي مكسب مالي يستحق عناء السفر.
وارتفعت خلال الشهرين الأخيرين أسعار المواصلات بريمة وغيرها من المناطق اليمنية، ووصلت إلى الضعف أحيانًا، ويعود ذلك وفقًا لسائقي سيارات ومركبات النقل إلى أزمة نقص المشتقات النفطية التي أنتجتها الحرب واحتجاز المشتقات النفطية من قبل التحالف السعودي الاماراتي.