هُنا في ريمة طقوس عيدية مُعتادة فلا مظاهر للتباعد الإجتماعي، ولا إلتزام بالإجراءات الوقائية ولا دورُ مجتمعي مسؤول حيال تهديدات فيروس كورونا، إذ لا تزال الزيارات بين الأهالي والأسر قائمة، والإختلاط والإزدحام جاريا دون اعتبار لإجراءات الوقاية إلّا ما ندر.
ففي الوقت الذي بدأت فيه بعض بلدان العالم بتنفس الصعداء والعودة التدريجية للحياة الطبيعية يتشكّل سيناريو جديد في اليمن ليحصد أرواح اليمنيين اللامبالين بالاحترازات الواجب توافرها سيما مع انهيار المنظومة الصحية التي دمرتها الحرب.
الحجر المنزلي الإجباري
حتى لحظة كتابة هذا التقرير لم تُعلن السلطات الصحية عن فرض الحجر المنزلي الإجباري على المواطنين في اليمن بشكل عام، لكنها دعت إلى تطبيق الحجر المنزلي الطوعي وعدم التزاور حرصا على سلامتهم وتطبيق اجراءات الوقاية والتباعد الاجتماعي خاصة في أيام العيد التي يعتبرها المجتمع فرصة لتعزيز أواصر التواصل الإجتماعي من خلال زيارة الأرحام وتبادل الزيارات والعزائم كون تلك الزيارات جوهر العيد ومظهرا مهما من مظاهر الإحتفال به وهو الأمر الذي يجعل الإلتزام بالحجر الصحي واجراءات الوقاية أمرا هامشيا لدى المجتمع بريمة.
يقول الدكتور محمد الخدري، مدير التثقيف والإعلام الصحي بريمة، أن القليل فقط من المواطنين يلتزمون بعضا من وسائل الوقاية كارتداء الكمامات والكفوف سواء في أيام العيد أو قبلها، ولكن ذلك لا يجدي نفعا كون الأغلبية الكبيرة من الناس يزاولون أعمالهم في أماكن مزدحمة غير آبهين بوقاية أنفسهم كأصحاب المحال التجارية ومرتادي أسواق القات.
لكن أسماء محمد 30عاما، من مديرية الجبين، تروي أن الحجر المنزلي شبه منعدم في أيام العيد وأن الناس لم يدركوا خطورة الوضع، وأن التجمعات ما تزال موجودة في الأعراس والمناسبات المختلفة ومجالس مضغ القات التي تقام في العيد.
وتضيف في حديثها لـ”ريمة بوست”، أن تلك المجالس والتجمعات ستكون بؤر_لا سمح الله_يتفشى منها فيروس كورونا المستجد بسرعة كبيرة ووقت أقل، خصوصا أن معايير وإجراءات الوقاية الإحترازية تنعدم تماما. مشيرة أن على الجهات المسؤولة أن تشدد على إجراءات الوقاية على الأقل حسب ما هو متاح وممكن.
وبحسب مواطنون فإن أول أيام العيد شهدت بعض القرى والأسواق إختفاءً نسبيا من الإزدحام وتقليل من الزيارات بين الناس في بادرة تعد جيدة إلّا أنَّ الأمر لم يخلُ من المصافحة والتقبيل.
وعي شحيح وإجراءات ضئيلة
اما حياة القليصي، متطوعة التثقيف الصحي بمديرية الجعفرية، تقول أنّه في ضوء نزولها الميداني لبعض القرى أثناء التوعية وجدت أن البعض استفاد وألتزم بوسائل الوقاية وأدركوا أنه لا وقت للإستهتار واللامبالاة والبعض الآخر أصابة الرعب والخوف وتشدد في الوقاية.
وتضيف في حديثها لـ”ريمة بوست”، أنه بسبب قلة الوعي هناك فئة أخرى ينفون تماما وجود كورونا المستجد بل وتجاوزوا في اللامبالاة بالرغم من أنّ فريق التوعية أكد لهم أن فايروس كورونا المستجد لا يرحم أحد ولا يفرق بين دولة وأخرى.
ويؤكد محمد الخدري أن التوعية بجائحة كورونا المستجد بلغت ذروتها في شتى الوسائل منها التوعية من خلال متطوعي التثقيف في المحافظة وأن غالبية الناس عرف بمخاطره وطرق الوقاية، لكنهم لم يطبقوها، ولا حياة لمن تنادي.
وفي السياق ذاته، لم تصدر أي تصريحات رسمية حول وجود فيروس كورونا المستجد بالمرّة في ريمة، كما تداول مؤخراً على وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول مواطنون ان ما يتداوله البعض حول وجود حالتين في المحافظة مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة خصوصا أن حالات الإشتباه لم يتم نفيها أو تأكيدها بشكل رسمي من قبل الجهات المختصة.
ويستدرك الخدري في حديثه أنه لابد من وجود إجراءات صارمة لفرض الحجر قدر المستطاع في ظل الأوضاع الراهنة، خصوصا أن اليمن تفتقر الى نظام صحي قوي يستطيع مجابهة خطر الفيروس.
وبحسب نشطاء مجتمعيين فإن إلتزام القلة القليلة من الناس بالبقاء في البيوت رهينة عودة الحياة لوتيرتها الطبيعية بعد إنتهاء إجازة العيد وعودتهم لأعمالهم وكسب لقمة العيش في ظل أوضاع صعبة تأخذهم نحو المجهول وغياب التدابير التي تساعدهم في تجاوز هذه المرحلة.
وكانت قد دعت وزارة الأوقاف والإرشاد المواطنين لأداء صلاة العيد في المنازل، وهو الأمر الذي لم يتم تطبيقه في مناطق ريمة حيث أدى الكثير من المواطنين صلاة العيد في بعض الجوامع والأماكن المفتوحة.