ريمة بوست تستطلع رأي المواطنين:
ازدادت خلال الأعوام العشرة الأخيرة وتيرة هجرة المواطنين من مناطق ريمة إلى مدن يمنية عديدة، أبرزها العاصمة صنعاء ومدينة الحديدة، وغير ذلك من المدن الأخرى.
أسباب متعددة ومختلفة تلك التي دفعتهم لترك منازلهم وقراهم وأراضيهم الزراعية، باحثين عن حياة أكثر استقرارا في مدن يملؤها الضجيج الممزوج بزحام سكانها. إذ يعتبر البعض الجغرافيا الجبلية الصعبة سببًا رئيسًا، يرى آخرون أن ذلك ليس إلا سببًا واحدًا يقع ضمن صعوبات وتحديات شتّى، في الغالب يدركوها من عاشوها لفترات طويلة.
المواطن عبدالله السلفي،41 عاما، أحد سكان مديرية السلفية، هاجر منذ أربعة أعوام من السلفية تاركا خلفه منزله الذي ورثه من والده، واستقر به الحال في إحدى الشقق المؤجرة بالعاصمة صنعاء. يقول في حديثه لـ”ريمة بوست”، إن انعدام الخدمات الأساسية في منطقته، دفعه إلى الهجرة مع أسرته، والاستقرار في صنعاء، حيث تتوفر الخدمات ولو بحدها الأدنى.
في حين يشاركه الرأي، سمير محمد 31 عاما، الذي هاجر منزله بمديرية مزهر، واستقر بمدينة الحديدة في منزل أحد أقاربه المغتربين، حيث أجبرته ظروف القرية وصعوباتها إلى السكن في المدينة، حد قوله، كون القرية التي كان يسكن بها لا تتوفر فيها مدرسة قريبة، وهو ما كان يضطر أطفاله للمشي ما يقارب ساعة عبر طرق جبلية خطرة حتى الوصول إلى المدرسة.
بالمقابل، يعتقد، أحمد محمد،42 عاما، شخصية اجتماعية، أن أسر بعض المغتربين في دول الجوار، تعاني عند غياب رب الأسرة من صعوبة الحصول على الاحتياجات، ما يدفعها للهجرة إلى المدينة، حيث وأن غالبية المغتربين يرون أن عيش أسرهم في المدينة أكثر أمنًا لهم من القرية، بالإضافة إلى سهولة الحصول على خدمات المياه والتعليم والصحة وغيرها من المتطلبات الضرورية التي يسعى كل إنسان لتوفيرها لأسرته وأطفاله.
احتياجات صحية
في السياق، يشير ابراهيم حسن، 45 عاما، أنه هاجر من منزله الواقع في بني الضبيبي بالجبين، واختار العيش في العاصمة صنعاء، بسبب انعدام الخدمات الصحية والمستشفيات التي تقدم الخدمات الطبية الثانوية، خصوصًا أن والده مسن وحالته الصحية، تقتضي زيارة الطبيب مرتين في الشهر على الأقل، في حين لا يتوفر في منطقته الريفية سوى مركز صحي لا يقدم حتى الاسعافات الأولية الضرورية.
بالمقابل، يرى كمال الفلاحي، طالب بك طب عام، أحد شباب بلاد الطعام، أن أكثر ما يدفع المواطن للهجرة إلى المدينة، هو توفر ظروف ملائمة في المدينة جاذبة للسكان بخلاف الريف، مثل وجود الحدائق والمنتزهات وسهولة الحصول على الخدمات الأساسية، والتي أهمها وجود المستشفيات التخصصية، ومراكز العلاج الطبيعي.
وهو ما يشير إليه، المواطن حسن الحاج،35 عاما، أحد سكان كسمة، إذ تعرض والده لجلطة في الدماغ، تسببت بشلل نصفي في جسده، يقول:”جلسنا فترة نعالجه في صنعاء ثم نعود إلى ريمة. لكن مع حاجته لاستمرار العلاج في مراكز العلاج الطبيعي وتمرين الأطراف اضطررت لنقل أسرتي والاستقرار في صنعاء بشكل دائم”.
فرص أوفر
فيما يُرجِع بعض المواطنين سبب هجرتهم، إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي مروا بها في الريف، نتيجة انعدام فرص العمل هناك، وعدم القدرة على توفير احتياجات الحياة الضرورية. وهو الأمر الذي يؤكده، كمال السعيدي، 29 عاما، إذ يقول إنه لم يستطع الاستقرار في منزله بالجعفرية، بسبب عدم حصوله على فرصة عمل يستطيع من خلالها تأمين متطلبات الحياة لزوجته وطفليه.
ويضيف، السعيدي، أنه انتقل للعيش في العاصمة صنعاء، لأن لديه مشروع خاص، محل تجاري، يعمل فيه بحرية ويوفر من خلاله كل احتياجاته إضافة إلى إيجار الشقة التي يسكنها. مشيرا أن فرص العمل في المدينة تختلف عن الريف، فحتى إذا لم يكن لديه مشروع خاص، يستطيع العمل في أي مجال سواء في مهنة حرة أو لدى جهات خاصة أو محال تجارية، فيما في القرية يصبح عاجزًا عن فعل شيء.
في حين، يشير، سامي النمس، 32 عاما، أنه كان إلى ما قبل ثلاثة أعوام يعمل في مجال أعمال البناء بشكل عام في الجبين، لكن مع استمرار الحرب وتدهور الوضع الاقتصادي لدى السكان، وتراجع عملية التنمية والبناء، قلّت فرص العمل، ولم يعد يجد أعمال إلا بشكل قليل ومتقطع، فلا تغطي الأجور التي يتحصلها تكاليف احتياجاته المعيشية.
ويرى، النمس، أنه من خلال عيشه بمدينة الحديدة، في مهنة حرة، حسّن مستوى دخله إلى حد ما، مقارنة بالوضع المعيشي المتدني الذي عاشه خلال الفترة الأخيرة في الريف، حيث يعمل في بسطة خضار، لما يقارب 12 ساعة، ويحصل على 3 آلاف بما يعادل( 6 دولار) يوميًا.
وعلى سبيل المقارنة، يقول أن ما يحصل عليه حاليًا، أفضل مما كان يتلقاه سابقًا، لأنه كان يعمل في أعمال بناء شاقة وخطرة وتستهلك طاقة وجهدا أكبر، فيما العمل في “بسطة الخضار” لا يأخذ منه جهدًا ولا يخاطر فيه بحياته.